لماذا؟ هو يريد أن يبطل العمل بهذا الحديث أو يريد أن يقوي العمل بهذا الحديث، نعم؟ لو جاء شخص مثلاً حنفي إلى حديث يستدل به المالكية على مسألة يختلفون فيها مع الحنفية، فقال الحنفي: إنه هو الذي وضع هذا الحديث من أجل أن يبطل العمل به على المالكية، ما يصدق في إقراره، ومثله لو حصل الخلاف بين سني ومعتزلي فقال المعتزلي: أنه هو الذي وضع الحديث الذي يحتج به السني أو العكس، لا يقبل إقراره؛ لأنه يريد أن يفوت العمل بهذا الحديث الذي هو حجة عليه، يقول ابن حجر: "وقد فهم منعه –يعني كلام ابن دقيق العيد- بعضهم أنه لا يعمل بذلك الإقرار أصلاً، وليس ذلك مراده، وإنما نفى القطع بذلك، ولا يلزم من نفي القطع نفي الحكم؛ لأن الحكم يقع بالظن الغالب وهو هنا كذلك" الحكم معلق بالظن، حينما أقر أنه وضع هذا الخبر يغلب على الظن أن الخبر موضوع، لكن من هذا الطريق، من طريقه يغلب على الظن أنه موضوع، لكن لو ثبت لنا من طريق غيره نعم عملنا به، وكون الحديث يروى من طرق صحيحة ويأتي من طريق كذاب لا يضره، يقول: "ولولا ذلك لما ساغ قتل المقر بالقتل، ولا رجم المعترف بالزنا لاحتمال أن يكونا كاذبين فيما اعترفا به".
لو وجد قتيل لا يعلم قاتله، فجاء شخص يريد أن ينتحر فقال: بدلاً من أن ينتحر بدون مقابل لعله يكون سبب في إنقاذ القاتل الحقيقي وقدم نفسه وقال: إنه هو القاتل، أو قدم نفسه وقال: إنه زنى وهو محصن ليرجم، وبدلاً من أن ينتحر بنفسه يتخلص من هذه الحياة على حد زعمه، وينقذ القاتل الحقيقي، يؤاخذ بإقراره، يؤاخذ بإقراره؛ لأن إقراره يورث غلبة ظن، وإلا لو قلنا: إنه احتمال أن يكون كاذباً لما اعتمد شيء من الإقرارات، والإقرار كما هو معروف أقوى من البينات.