منازلهم، ومن حفظ دين الله حفظه الله بلا شك، ومن ضيع الدين ضيعه الله، والله المستعان.
قصد الواضع الشهرة ومحبة الظهور حيث جعل بعضهم لذي الإسناد الضعيف إسناداً صحيحاً مشهوراً، وجعل بعضهم للحديث إسناداً غير إسناده المشهور ليستغرب ويطلب منه سماعه، بعض الناس يركب إسناد على حديث وهو ليس له على شان يقال: إنه لا يروى هذا الحديث بهذا الإسناد إلا من طريقه، فيجتمع عليه الناس ليأخذوه منه، وهذا يقصد الشهرة، ومن قصد الشهرة ألبسه الله ثوب المذلة في الدنيا والآخرة، نسأل الله العافية، هذه أسباب دفعت أصحابها إلى تعمد الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، لكن هناك أسباب أوقعت أصحابها في الكذب من غير تعمد ولا قصد من أهمهما:
غلبة الزهد والعبادة على بعض الناس حتى جعلتهم يغفلون عن الحفظ والتمييز، حتى صار الطابع لكثير من الزهاد الغفلة.
الأمر الثاني: ضياع الكتب أو احتراقها ممن يعتمد عليها ثم بعد ذلك يحدث من حفظه فيقع الغلط في كلامه، وذلك مثل عبد الله بن لهيعة.
الثالث: الاختلاط، فقد حصل لقوم ثقات أن اختلطت عقولهم في أواخر أعمارهم، خلطوا في الرواية، وقلبوا المرويات، وذلك مثل إسماعيل بن عياش وغيره، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا يسأل يقول: تخريج البخاري ومسلم لأحاديث الوحدان هل يكفي لتوثيق الراوي إذا روى في غير الصحيحين؟
لا شك أن تخريج البخاري ومسلم للراوي توثيق وتقوية له، فرواة الصحيحين كما قرر أهل العلم جازوا القنطرة، لكن يبقى أن الاحتياط والنظر في أحاديث غير الصحيحين آكد وأقوى، فننظر في هذا الحديث الذي رواه ذلك الراوي هل ووفق عليه؟ هل خولف؟ يبقى أن ينظر له من عدة جهات، وبقدر ما عند الشيخين من الاحتياط والتحري خرجوا لرواة تكلم فيهم كما تقدم، لكنهم حينما يخرجون لمثل هؤلاء إنما ينتقون من أحاديثهم، ينتقون من أحاديثهم ولا يخرجون لهم كل ما يروون، فقد يكون الراوي ثقة وهو في حديث أضبط منه في حديث آخر، فلا بد من النظر إلى الحديث والراوي من وجوه متعددة، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.