فساق بالتأويل: يعني هناك الفاسق المتأول، وهم طوائف المبتدعة، وهذا القسم سيأتي الكلام عليه قريباً -إن شاء الله تعالى-، والفاسق غير المتأول، وهو المراد هنا المخل بشيء من أحكام الشرع من ترك واجب، أو ارتكاب محرم، وهذا القسم قد اتفق العلماء على عدم قبول روايته؛ لأن الرواية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمانة ودين، والفسق يبطلها، لاحتمال كذب الفاسق على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال ابن العربي: "من ثبت فسقه بطل قوله في الأخبار إجماعاً؛ لأن الخبر أمانة، والفسق قرينة تبطلها"، وقال الشنقيطي -رحمه الله تعالى- في تفسير قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [(6) سورة الحجرات] هذه الآية تدل على عدم تصديق الفاسق في خبره، وصرح تعالى في موضع آخر بالنهي عن قبول شهادة الفاسق، وذلك في قوله تعالى: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [(4) سورة النور] ولا خلاف بين العلماء في رد شهادة الفاسق وعدم قبول خبره، وقال ابن حبان في المجروحين: "ومنهم -يعني الضعفاء- المعلن بالفسق والسفه وإن كان صدوقاً في روايته؛ لأن الفاسق لا يكون عدلاً والعدل لا يكون مجروحاً، ومن خرج عن حد العدالة لا يعتمد على صدقه، وإن صدق في شيء بعينه في حاله من الأحوال إلا أن يظهر عليه ضد الجرح حتى يكون أكثر أحواله طاعة الله -عز وجل-، فحينئذٍ يحتج بخبره، فأما قبل ظهور ذلك عنه فلا".
الوجه السادس: وما زلنا في اللف الذي ذكره الحافظ، حيث لف الأنواع العشرة، ثم ينشرها بعد ذلك بذكر أنواع علوم الحديث التي تتبع هذه الوجوه، الوجه السادس من أوجه الطعن في الراوي: الوهم، يقال: وهم بكسر الهاء غلط، وقد توهم الشيء تخيله وتمثله، سواءً كان في الوجود أو لم يكن، ويقال: وهم إليه يهم وهماً ووهماً ذهب وهمه إليه، والوهم من خطرات القلب والجمع أوهام، ويقال: وهمت في كذا وكذا فأنا أوهم وهماً إذا سهوت.