مِنْ بَيْعِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهِيَ وَصِيَّةٌ أَبَدًا حَتَّى يُرِيدَ التَّدْبِيرَ.

(قَالَ سَحْنُونٌ) : وَكَانَ أَشْهَبُ يَقُولُ: إذَا قَالَ: مِثْلَ هَذَا فِي صِحَّتِهِ فِي غَيْرِ إحْدَاثِ وَصِيَّةٍ بِسَفَرٍ، فَهُوَ تَدْبِيرٌ (ابْنُ الْحَاجِبِ) ، وَأَمَّا إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ مِنْ سَفَرِي هَذَا، فَوَصِيَّةٌ لَا تَدْبِيرٌ (التَّوْضِيحُ) ، وَإِنَّمَا كَانَتْ وَصِيَّةً؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ إنْ لَمْ يَمُتْ فِي ذَلِكَ الْمَرَضِ أَوْ السَّفَرِ، فَكَانَ ذَلِكَ قَرِينَةً صَارِفَةً عَنْ التَّدْبِيرِ إذْ التَّدْبِيرُ لَا رُجُوعَ فِيهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، لَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: أَنَّ ذَلِكَ تَدْبِيرًا. اهـ.

نَقَلَ مَا قَبْلَهُ مَا نَصُّهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي لِيَوْمٍ أَوْ لِشَهْرٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَهُوَ مِنْ الثُّلُثِ، وَيَلْحَقُهُ الدَّيْنُ قَالُوا: وَهَذَا وَصِيَّةٌ؛ لِأَنَّ مُخَالَفَتَهُ التَّدْبِيرَ بِكَوْنِهِ لَيْسَ مُعَلَّقًا عَلَى الْمَوْتِ قَرِينَةٌ فِي إرَادَةِ الْوَصِيَّةِ. اهـ.

وَقَالَ قَبْلَهُ أَيْضًا: لَمَّا ذَكَرَ صِيَغَ التَّدْبِيرِ الْمُتَقَدِّمَةِ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ مَا نَصُّهُ نَعَمْ قَدْ يَخْرُجُ عَنْ الصِّيَغِ إلَى الْوَصِيَّةِ بِالْقَرِينَةِ كَقَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي مَا لَمْ أُغَيِّرْ ذَلِكَ وَأَرْجِعْ عَنْهُ، أَوْ أَفْسَخْهُ، كَمَا أَنَّ صَرِيحَ الْوَصِيَّةِ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ التَّدْبِيرِ انْتَقَلَ إلَى حُكْمِهِ، كَقَوْلِهِ إذَا مِتُّ فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ، لَا يُغَيَّرُ عَنْ حَالِهِ أَوْ لَا مَرْجِعَ لِي فِيهِ، فَهَذَا لَهُ حُكْمُ التَّدْبِيرِ حَكَاهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ.

الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ أَوْجُهِ الْعِتْقِ الْعِتْقُ بِالْوَصِيَّةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْوَصَاةُ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْوَاوِ الْوَصِيَّةُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْبُخَارِيِّ: وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ: إنْ قَدَّرَ اللَّهُ بِمَوْتِي فَعَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ أَوْ أَعْتِقُوهُ أَوْ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي أَوْ سَفَرِي هَذَا، أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ، كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا، وَنَحْوُهُ الْوَجْهُ الثَّالِثُ: الْعِتْقُ بِالْكِتَابَةِ وَهُوَ الْعِتْقُ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ يُعْطِيهِ الْعَبْدُ مَوْقُوفًا عِتْقُهُ عَلَى أَدَائِهِ، وَقَدْ فَسَّرَهُ النَّاظِمُ فِي الْبَيْتِ الثَّالِثِ: وَالْعِتْقُ بِالْمَالِ هُوَ الْمُكَاتَبَةُ.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : سُمِّيَتْ كِتَابَةً مَصْدَرُ كَتَبَ؛ لِأَنَّهُ يَكْتُبُ عَلَى نَفْسِهِ لِمَوْلَاهُ ثَمَنُهُ، وَيَكْتُبُ مَوْلَاهُ عَلَيْهِ الْعِتْقَ، ثُمَّ قَالَ: وَخُصَّ الْعَبْدُ بِاسْمِ الْمَفْعُولِ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمُكَاتَبَةِ مِنْ السَّيِّدِ، وَهُوَ الَّذِي يُكَاتِبُ عَبْدَهُ.

الْوَجْهُ الرَّابِعُ: الْعِتْقُ النَّاجِزُ وَهُوَ الَّذِي عَبَّرَ عَنْهُ بِالْبَتَاتِ كَقَوْلِهِ لِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ مُعْتَقٌ (ابْنُ الْحَاجِبِ) الصِّيغَةُ الصَّرِيحُ كَالتَّحْرِيرِ وَالْإِعْتَاقِ وَفَكِّ الرَّقَبَةِ، (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) : مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ اللَّفْظَ عَنْ إرَادَةِ الْعِتْقِ، فَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَنْ عَجِبَ مِنْ عَمَلِ عَبْدِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ رَآهُ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ: مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ أَوْ قَالَ لَهُ: تَعَالَ يَا حُرُّ وَلَمْ يُرِدْ الْحُرِّيَّةَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّك تَعْصِينِي، فَأَنْتَ فِي مَعْصِيَتِك إيَّايَ كَالْحُرِّ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْفُتْيَا، وَلَا فِي الْقَضَاءِ. اهـ.

ثُمَّ أَخْبَرَ الْبَيْتُ الثَّانِي أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى وَجْهِ التَّدْبِيرِ أَوْ التَّبْتِيلِ، وَهُوَ الْوَجْهُ الرَّابِعُ الْمُعَبِّرُ عَنْهُ الْبَيْتُ الْأَوَّلُ بِالْبَتَاتِ، ثُمَّ نَدِمَ وَأَرَادَ الرُّجُوعَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015