تَصَرُّفِهِمَا فِي الْجَمِيعِ مَفْعُولٌ بِاسْمِ الْفَاعِلِ وَذَلِكَ خَاصٌّ بِشَرِكَةِ التَّجْرِ وَأَخْرَجَ بِذَلِكَ شَرِكَةَ غَيْرِ التَّجْرِ كَمَا إذَا خَلَطَا طَعَامًا لِلْأَكْلِ فِي الرُّفْقَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ التَّصَرُّفَ الْمُطْلَقَ لِلْجَمِيعِ وَضَمِيرُ تَصَرُّفِهِمَا يَعُودُ عَلَى الْمَالِكَيْنِ وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَكِيلٌ لِصَاحِبِهِ فِي تَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ فَشَرِكَةُ الْإِرْثِ تَدْخُلُ فِي الْحَدِّ الْأَوَّلِ كَمَا ذَكَرَ وَكَذَلِكَ الْغَنِيمَةُ وَأَمَّا شَرِكَةُ التَّجْرِ فَتَدْخُلُ فِي الثَّانِي لِصِدْقِ الْحَدِّ الثَّانِي عَلَيْهَا.

وَشَرِكَةُ الْإِرْثِ وَالْغَنِيمَةِ لَا يَدْخُلَانِ فِي الْحَدِّ الثَّانِي هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ عَلَى الْعَكْسِ وَفِي عَدَمِ دُخُولِ شَرِكَةِ التَّجْرِ فِي الْحَدِّ الْأَوَّلِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ إذَا سَلِمَ أَنَّهُ أَعَمُّ فَيَصْدُقُ عَلَى مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْأَخَصُّ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ وَالْحَرْثِ فَبِاعْتِبَارِ الْعَمَلِ يَدْخُلَانِ وَالْأَخَصِّيَّةُ وَفِي عِوَضِهِ يَدْخُلَانِ فِي الْأَعَمِّيَّةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ شَرِكَةَ الْأَبْدَانِ وَمَا شَابَهَهَا يَصْدُقُ فِيهَا بَيْعُ مَالِكٍ إلَخْ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَدْ بَاعَ بَعْضَ مَنَافِعِهِ بِبَعْضِ مَنَافِعِ غَيْرِهِ مَعَ كَمَالِ التَّصَرُّفِ وَأَمَّا عِوَضُ ذَلِكَ فَيَدْخُلُ تَحْتَ أَعَمِّهَا وَلَيْسَ فِيهِ تَصَرُّفٌ ثُمَّ قَالَ وَقَدْ يَتَبَايَنَانِ فِي الْحُكْمِ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْأَعَمِّيَّةَ وَالْأَخَصِّيَّةَ وَإِنْ صَدَقَ فِيهِمَا الْأَعَمُّ عَلَى أَخَصِّهِ فَإِنَّ الْحُكْمَ يَخْتَلِفُ فِيهِمَا شَرْعًا كَمَا ذَكَرَ

شَرِكَةٌ فِي مَالٍ أَوْ فِي عَمَلِ ... أَوْ فِيهِمَا تَجُوزُ لَا لِأَجَلِ

وَفَسْخُهَا إنْ وَقَعَتْ عَلَى الذِّمَمْ ... وَيَقْسِمَانِ الرِّبْحَ حُكْمٌ مُلْتَزَمْ

يَعْنِي أَنَّ الشَّرِكَةَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ إمَّا فِي الْمَالِ أَوْ فِي الْعَمَلِ أَوْ فِي الْمَالِ وَالْعَمَلِ مَعًا وَالثَّلَاثَةُ الْأَوْجُهِ جَائِزَةٌ وَلَا تُحَدُّ بِأَجَلٍ بَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَنْحَلَّ عَنْ صَاحِبِهِ مَتَى شَاءَ وَالْوَجْهُ الرَّابِعُ مَمْنُوعٌ وَهِيَ شَرِكَةُ الذِّمَمِ أَنْ يَشْتَرِيَا بِلَا مَالٍ وَالْمُشْتَرَى بَيْنَهُمَا فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَتْ وَكَانَ مَا اشْتَرَوْهُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ حَصَلَ فِيهِ رِبْحٌ كَانَ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا تَعَاقَدَا عَلَيْهِ.

(قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) الشَّرِكَةُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ شَرِكَةُ أَمْوَالٍ وَشَرِكَةُ أَبْدَانٍ وَشَرِكَةُ أَوْجُهٍ وَشَرِكَةُ الْأَمْوَالِ تَنْقَسِمُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ شَرِكَةُ مُضَارَبَةٍ وَهِيَ الْقِرَاضُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الضَّرْبِ فِي الْأَرْضِ وَالثَّانِيَةُ شَرِكَةُ مُفَاوَضَةٍ وَهِيَ أَنْ يَجُوزَ فِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَشْتَرِكَانِ فِي جَمِيعِ مَا يَسْتَفِيدَانِ وَاتُّفِقَ عَلَى جَوَازِهَا. سُمِّيَتْ مُفَاوَضَةً لِتَفْوِيضِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْمَالَ لِصَاحِبِهِ وَقِيلَ مِنْ الْمُفَاوَضَةِ وَالْمُشَاوَرَةُ كَأَنَّهُمَا يَتَشَاوَرَانِ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِمَا الثَّالِثَةُ شَرِكَةُ الْعَنَانِ.

وَفَسَّرَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ بِأَنْ يَشْتَرِطَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَفْيَ الِاسْتِبْدَادِ أَنْ لَا يَفْعَلَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا حَتَّى يُشَارِكَهُ فِيهَا الْآخَرُ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ وَشَرِكَةُ الْأَبْدَانِ هِيَ الشَّرِكَةُ فِي الْعَمَلِ وَيَأْتِي لِلنَّاظِمِ الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَشَرِكَةُ الْوُجُوهِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا تَصِحُّ شَرِكَةُ الْوُجُوهِ وَفُسِّرَتْ بِأَنْ يَبِيعَ الْوَجِيهُ مَالَ الْخَامِلِ بِبَعْضِ رِبْحِهِ وَقِيلَ هِيَ شَرِكَةُ الذِّمَمِ يَشْتَرِيَانِ وَيَبِيعَانِ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ مَالٍ وَكِلْتَاهُمَا فَاسِدَةٌ وَتُفْسَخُ وَمَا اشْتَرَيَاهُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْأَشْهَرِ اهـ.

وَكَذَا قَسَمَ الْمُتَيْطِيّ الشَّرِكَةَ إلَى شَرِكَةِ أَمْوَالٍ وَشَرِكَةِ أَبْدَانٍ وَشَرِكَةِ وُجُوهٍ وَهِيَ شَرِكَةُ الذِّمَمِ وَزَادَ النَّاظِمُ قِسْمًا رَابِعًا وَهِيَ الشَّرِكَةُ بِالْمَالِ وَالْعَمَلِ مَعًا فُتِيَا وَذَلِكَ كَأَنْ يَشْتَرِيَا جُلُودًا فَيُفَصِّلَانِهَا نِعَالًا وَيَخِيطَانِهَا وَيَبِيعَانِهَا مَخِيطَةً وَمِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ (قَالَ فِي التَّوْضِيحِ) فِي تَوْجِيهِ فَسَادِ شَرِكَةِ الْوُجُوهِ وَفَسَدَتْ عَلَى التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْإِجَارَةِ الْمَجْهُولَةِ وَالتَّدْلِيسِ عَلَى الْغَيْرِ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ مَنْ يَرْغَبُ فِي الشِّرَاءِ مَنْ أَمْلِيَاءِ السُّوقِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَّجِرُونَ فِي جَيِّدِ السِّلَعِ وَأَنَّ فُقَرَاءَهُمْ عَلَى الْعَكْسِ ثُمَّ قَالَ وَفَسَدَتْ عَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي لِأَنَّ مِنْ بَابِ: تَحَمَّلْ عَنَى وَأَتَحَمَّلُ عَنْك وَأَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك فَيَكُونُ مِنْ بَابِ الضَّمَانِ بِجُعْلٍ وَالسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ اهـ.

وَيَعْنِي بِالتَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي مَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَمَا تَفْسُدُ وَتُفْسَخُ عَلَى التَّفْسِيرِ الثَّانِي إذَا اشْتَرَيَا بِلَا مَالٍ رَأْسًا كَذَلِكَ تَفْسُدُ وَتُفْسَخُ أَيْضًا إذَا كَانَتْ بِمَالٍ قَلِيلٍ (قَالَ الْمُتَيْطِيّ) بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ فِيهَا الْمَنْعَ وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَكَا بِمَالٍ قَلِيلٍ عَلَى أَنْ يَتَدَايَنَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ تَحَمَّلْ عَنَى نِصْفَ مَا اشْتَرَيْت عَلَى أَنْ أَتَحَمَّلَ عَنْك نِصْفَ مَا اشْتَرَيْت (وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ أَيْضًا) وَالشَّرِكَةُ لَا تَكُونُ إلَى أَجَلٍ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015