السُّكْنَى مَعَهَا فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ.

وَعَلَى هَذَا نَبَّهَ بِالْبَيْتِ الْأَوَّلِ وَبِشَطْرِ الثَّانِي وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ

وَفِي سِوَاهُمْ عَكْسُ هَذَا الْحُكْم

إلَى أَنَّهُ إذَا بَنَى بِزَوْجَتِهِ وَلَمْ تَأْتِ مَعَهَا بِوَلَدٍ، أَوْ لَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ وَلَدًا، ثُمَّ أَرَادَتْ أَنْ تَأْتِيَ بِوَلَدِهَا، أَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ بِوَلَدٍ لَهُ، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَى السُّكْنَى مَعَهُ وَإِنَّمَا يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْ السُّكْنَى مَعَهُ إذَا لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ، إذَا كَانَ لِلْوَلَدِ وَلِيُّ حَاضِنٌ يُمْكِنُ دَفْعُهُ إلَيْهِ، وَإِلَّا أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ عَلَى السُّكْنَى مَعَهُ.

وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فَفِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَابْنِ نَافِعٍ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ، وَسُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ خَطَبَهَا رَجُلٌ، لَهَا بِنْتٌ صَغِيرَةٌ لَمْ تَلِ نَفْسَهَا فَتَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ، ثُمَّ بَنَى بِهَا، وَابْنَتُهَا مَعَهَا، ثُمَّ قَالَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرِجِي ابْنَتَكِ عَنِّي، أَتَرَى ذَلِكَ لَهُ؟ فَقَالَ لَهُ: مَا أَرَى ذَلِكَ لَهُ. (قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ بِابْنَتِهَا، ثُمَّ بَنَى بِهَا وَهِيَ مَعَهَا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهَا عَنْهَا وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ مِمَّا سُئِلَ عَنْهُ ابْنُ زَرْبٍ وَإِنْ بَنَى بِهَا وَالصَّبِيُّ مَعَهُ، ثُمَّ أَرَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ إخْرَاجَهُ عَنْ نَفْسِهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا ذَلِكَ لِدُخُولِهَا عَلَيْهِ (وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ) عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ طَلَاقِ السُّنَّةِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلرَّجُلِ أَنَّهُ يُسْكِنُ أَوْلَادَهُ مِنْ امْرَأَتِهِ مَعَ امْرَأَةٍ لَهُ أُخْرَى فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ وَمَسْكَنٍ وَاحِدٍ يَجْمَعُهُمْ إلَّا أَنْ تَرْضَى بِذَلِكَ، وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ فَأَسْكَنَهَا مَعَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَشَكَتْ الضَّرَرَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَالِكٌ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا مَعَهُمَا فَقِيلَ لَهُ إنَّهُ يَقُولُ: إنَّ أَبِي أَعْمَى وَأُغْلِقُ دُونِي وَدُونَهُ بَابًا قَالَ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ رُئِيَ ضَرَرٌ كَأَنَّهُ يَقُولُ إنْ رُئِيَ ضَرَرٌ يُحَوِّلُهَا عَنْ حَالِهَا. اهـ.

(وَفِي طُرَرِ ابْنِ عَاتٍ) سُئِلَ ابْنُ زَرْبٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ امْرَأَةً وَلَهُ وَلَدٌ صَغِيرٌ مِنْ غَيْرِهَا فَأَرَادَ إسْكَانَهُ مَعَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَأَبَتْ هِيَ ذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ مَنْ يَدْفَعُهُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلِهِ لِيَحْضُنَهُ لَهُ وَيَكْفُلَهُ أُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ لَا أَهْلَ لَهُ لَمْ يُكَلَّفْ إخْرَاجَهُ، وَأُجْبِرَتْ هِيَ عَلَى الْبَقَاءِ مَعَهُ، ثُمَّ قَالَ وَكَذَلِكَ الزَّوْجَةُ إذَا كَانَ لَهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ مَعَ الزَّوْجِ هَذَا حَرْفًا بِحَرْفٍ. اهـ.

(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ قَوْلِهِ " أَوْ أُمِّ " أَنَّ الْأُمَّ تَجْرِي عَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ الَّذِي فِي الْوَلَدِ وَأَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَعَ ابْنِهَا يَوْمَ الْبِنَاءِ أُلْزِمَتْ الزَّوْجَةُ بِالسُّكْنَى مَعَهَا، وَإِلَّا فَلَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا تُجْبَرُ الزَّوْجَةُ عَلَى السُّكْنَى مَعَ أُمِّهِ، أَوْ أَبِيهِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَا مَعَهُ حِينَ الْبِنَاءِ، أَوْ لَا وَلَكِنْ هَذَا فِي ذَوَاتِ الْقَدْرِ، وَأَمَّا الْوَضِيعَةُ فَلَا (التَّوْضِيحُ) قَالَ مَالِكٌ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَ مَعَهَا أَبَوَيْهِ إلَّا بِرِضَاهَا قَالَ فِي الْبَيَانِ لِمَا عَلَيْهَا مِنْ الضَّرَرِ بِاطِّلَاعِهِمْ عَلَى أَمْرِهَا وَمَا تُرِيدُ أَنْ تَكْتُمَهُ عَنْهُمْ مِنْ أَمْرِهَا.

(قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ) فِي الْمَرْأَةِ تَكُونُ هِيَ وَأَهْلُ زَوْجِهَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ فَتَقُولُ: إنَّ أَهْلَكَ يُؤْذُونَنِي فَأَخْرِجْهُمْ عَنِّي، أَوْ أَخْرِجْنِي عَنْهُمْ، رُبَّ امْرَأَةٍ لَا يَكُونُ لَهَا ذَلِكَ لِكَوْنِ صَدَاقِهَا قَلِيلًا وَتَكُونُ وَضِيعَةَ الْقَدْرِ، وَلَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ذَلِكَ تَزَوَّجَهَا، وَفِي الْمَنْزِلِ سَعَةٌ، فَأَمَّا ذَاتُ الْقَدْرِ فَلَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهَا، وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَعْزِلَهَا حُمِلَ عَلَى الْحَقِّ أَبَرَّهُ ذَلِكَ، أَوْ أَحْنَثَهُ.

(قَالَ فِي الْبَيَانِ) وَلَيْسَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ عِنْدِي خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ اهـ.

وَقَدْ تَلَخَّصَ مِنْ هَذَا أَنَّ فِي الْأَوْلَادِ تَفْصِيلًا غَيْرَ الَّذِي فِي الزَّوْجَةِ فَفِي الْأَوْلَادِ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَسْكُنُوا مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ، أَوْ لَا وَفِي الزَّوْجَةِ يُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ ذَاتَ قَدْرٍ، أَوْ وَضِيعَةً، وَهَذَا ظَاهِرٌ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَلَهَا الِامْتِنَاعُ مِنْ أَنْ تَسْكُنَ مَعَ أَقَارِبِهِ إلَّا الْوَضِيعَةَ كَوَلَدٍ صَغِيرٍ لِأَحَدِهِمَا إنْ كَانَ لَهُ حَاضِنٌ إلَّا أَنْ يَبْنِيَ وَهُوَ مَعَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015