وَنَحْوِهَا وَإِمَّا لِكَثْرَتِهِ كَخَمْسِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ، الثَّالِثُ: إذَا اسْتَبْرَأَهَا مِنْ وَطْئِهِ ثُمَّ رَآهَا بَعْدَ ذَلِكَ تَزْنِي فَيُعْتَمَدُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحَكَى ابْنُ شَاسٍ وَغَيْرُهُ عَنْ السُّيُورِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَفْيُهُ بِهِمَا قَالَ.

وَحَكَى الدَّاوُدِيُّ عَنْ الْمُغِيرَةِ مِثْلَهُ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْخِلَافِ فِي الِاعْتِمَادِ عَلَى أَحَدِهِمَا فَقَطْ أَيْ الِاسْتِبْرَاءِ وَالرُّؤْيَةِ وَهُوَ الْوَجْهُ الرَّابِعُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ هُوَ الْمَشْهُورُ (ابْنُ الْحَاجِبِ) وَالِاسْتِبْرَاءُ بِحَيْضَةٍ وَقِيلَ بِثَلَاثٍ (التَّوْضِيحَ) صَرَّحَ الْبَاجِيُّ وَجَمَاعَةٌ بِمَشْهُورِيَّةِ الْأَوَّلِ، وَالْقَوْلُ بِالثَّلَاثِ لِلْمُغِيرَةِ رُوِيَ أَيْضًا عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَحَيْضَةٌ وَإِنْ كَانَتْ حُرَّةً فَثَلَاثٌ. ثُمَّ قَالَ: فَائِدَة لَيْسَ عِنْدَنَا حُرَّةٌ تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ إلَّا هُنَا وَلَيْسَ لَنَا أَمَةٌ تُسْتَبْرَأُ بِثَلَاثٍ إلَّا عَلَى قَوْلِ الْمُغِيرَةِ هُنَا وَفِيمَنْ ادَّعَى سَيِّدُهَا وَطْأَهَا فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا اهـ.

قَوْلُهُ: " لَيْسَ عِنْدَنَا حُرَّةٌ تُسْتَبْرَأُ بِحَيْضَةٍ إلَّا هُنَا " قِيلَ إنَّ هَذِهِ غَفْلَةٌ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ارْتَدَّتْ أَوْ زَنَتْ وَلَهَا زَوْجٌ فَلَا تُقْتَلُ وَلَا تُحَدُّ إلَّا بَعْدَ حَيْضَةٍ خَوْفَ كَوْنِهَا حَامِلًا. وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ بَعْضُ شُيُوخِنَا:

تُسْتَبْرَأُ الْحُرَّةُ مِثْلُ الْأَمَةِ ... لَدَى اللِّعَانِ وَالزِّنَا وَالرِّدَّةِ

قَالَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -:

وَيُسْجَنُ الْقَاذِفُ حَتَّى يَلْتَعِنْ ... وَإِنْ أَبَى فَالْحَدُّ حُكْمٌ يَقْتَرِنْ

يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَذَفَ زَوْجَتَهُ فَرَمَاهَا بِزِنًى أَوْ نَفَى حَمْلَهَا فَإِنَّهُ يُلَاعَنُ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ اللِّعَانِ سُجِنَ حَتَّى يَلْتَعِنَ، فَإِنْ أَبَى فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ (فَفِي طُرُرِ ابْنِ عَاتٍ) قَالَ الْبَاجِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ إذَا نَفَى وَلَدَهُ أَوْ ادَّعَى رُؤْيَةً أَنْ يُسْجَنَ حَتَّى يَلْتَعِنَ. (وَفِي الْمُقَرِّبِ) قُلْتُ لَهُ: فَإِنْ أَبَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَنْ يَلْتَعِنَ فَقَالَ: إنْ كَانَ الرَّجُلُ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أُقِيمَ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.

وَمَا بِحَمْلٍ بِثُبُوتِهِ يَقَعْ ... وَقَدْ أَتَى لِمَالِكٍ حَتَّى تَضَعْ

يَعْنِي أَنَّ اللِّعَانَ إذَا كَانَ لِنَفْيِ الْحَمْلِ فَإِنَّهُمَا يَتَلَاعَنَانِ إذَا ثَبَتَ الْحَمْلُ إذْ ذَاكَ. وَقِيلَ: يُؤَخَّرُ لِعَانُهُمَا حَتَّى تَضَعَ خَوْفَ أَنْ يَنْفَشَّ الْحَمْلُ بَعْدَ اللِّعَانِ (قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ) : وَلَهُ أَنْ يُلَاعِنَ وَهِيَ حَامِلٌ وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَهَا حَتَّى تَضَعَ. وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَيَرُدُّهُ الْأَثَرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلَانِيِّ وَزَوْجَتِهِ وَهِيَ حَامِلٌ» (قَالَ الشَّارِحُ) : هَذَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَسْعَدُ بِالْأَثَرِ وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي أَرْجَحُ فِي النَّظَرِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى صُورَةٍ نَادِرَةٍ وَالصُّورَةُ النَّادِرَةُ لَا تُرَاعَى فِي الْأَحْكَامِ. اهـ

(ابْنُ الْحَاجِبِ) وَمَنَعَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْحَمْلِ لِجَوَازِ انْفِشَاشِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ الْعَجْلَانِيَّ وَغَيْرَهُ لَاعَنَ فِي الْحَمْلِ لِظُهُورِهِ كَإِيجَابِ النَّفَقَةِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ (التَّوْضِيحَ) أَيْ كَمَا يَقْضِي لِلْمُطَلَّقَةِ بِنَفَقَةِ الْحَمْلِ إذَا ظَهَرَ حَمْلُهَا وَكَمَا يَجِبُ الرَّدُّ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً وَظَهَرَ حَمْلُهَا وَلَا يُؤَخَّرُ فِيهِمَا إلَى الْوَضْعِ، وَمَنَعَ عَبْدُ الْمَلِكِ اللِّعَانَ قَبْلَ الْوَضْعِ خَشْيَةَ أَنْ يَنْفَشَّ وَرَوَاهُ عَنْ مَالِكٍ وَالْفَرْقُ عَلَى قَوْلِهِ بَيْنَ اللِّعَانِ وَمَا ذَكَرَهُ أَنَّ اللِّعَانَ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أُمُورٌ عِظَامٌ مِنْ فَسْخِ النِّكَاحِ وَالْحُرْمَةِ عَلَى التَّأْبِيدِ وَوُجُوبِ الْحَدِّ اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015