أيضًا الفائدة الثانية: أن لا يتقدم على اسم الله غيره، يعني الاهتمام. الاهتمام به لئلا يتقدم على اسم الله غيره، حينئذ لو قيل أقرأ أو أنظم بسم الله أو قال: أنظم باسمه. تقدم الفعل وهو دلالته على الحدث وهو النظم تقدم على اسم الله وهذا مخالف للأصل.

إذًا هاتين الفائدتين أُخِّرَ العامل قدر مؤخرًا ثم يكون خاصًا لماذا؟

قالوا: لأن كل من بسمل فقد أضمر في نفسه ما جعل البسملة مبدأً له، كل من بسمل كل من قال بسم الله في أي قول فعل نوم سفر أكل شرب ... إلى آخره لا بد أنه قد نوى في نفسه الفعل والحدث الذي جعل البسملة مقدمةً له، لا يمكن أن يقول: بسم الله. ويشرب وينوي في قلبه أنه سينام يمكن؟

إذًا إذا قال: بسم الله. وشرب حينئذ نقول: قدر في نفسه ماذا؟

بسم الله أشرب، لو وضع جنبه وأراد أن ينام قال: بسم الله أنام. حينئذ يقدر في كل موضع بحسب الفعل الذي جعل المتكلم والناطق للبسملة ما جعل البسملة مبدأً له، فالمسافر يقدم بسم الله أسافر، والآكل بسم الله آكل، والشارب بسم الله أشرب وهلم جر، وهنا: بسم الله أَنْظِمُ أو أُأَلِّف، والقارئ يقول: بسم الله أقرأ ... إلى آخره حينئذ لهذه الفائدة وهي كون متعلق البسملة الجار والمجرور خاصًا ليدل على ما جعل البسملة مبدأً له وهو الناطق والمتكلم بها.

بسم الله الرحمن الرحيم ذكرنا أن بسم الله جار ومجرور متعلق بمحذوف وهو مضاف ولفظ الجلالة مضاف إليه وهو مشتق على الصحيح وأصله: الإله. حذفت الهمزة تخفيفًا ثم أدغمت اللام في اللام ثم فخمت لأجل التعظيم فقيل: الله.

بسم الله أيضًا من النكات والفوائد في هذا الموضوع أن يقال: بسم الله هذا يحتمل الإضافة، مضاف ومضاف إليه. إما الإضافة من الإضافة البيانية، وإما من إضافة الاسم إلى المسمَّى.

الإضافة البيانية: أن يكون المراد اللفظ. بسم هذه نكرة أضيف إلى لفظ الجلالة، إلى اللفظ إن رُوعِيَ ولوحظ اللفظ كانت الإضافة بيانية، فحينئذ يصح الإخبار بالمضاف إليه عن المضاف فيكون التقدير بِسْمٍ هُو اللهُ حينئذ استعان بماذا؟

بلفظ الجلالة بالاسم والاستعانة والتبرك بالاسم استعانة بالمسمى من باب الأولى والأحرى، وهذا متى؟

إذا جعلنا الإضافة بيانية بِسْمٍ هُو اللهُ جعلت المضاف إليه خبر عن المبتدأ الذي هو اسم، وإن جعلت الإضافة من إضافة الاسم إلى المسمى يعني لاحظت المسمى الله لاحظت المسمى حينئذ تكون الإضافة مسماة عندهم عند البيانيين بإضافة الاسم إلى المسمى فيكون التقدير كما هو في قوله تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللهِ} [إبراهيم: 34]. فيكون من باب إضافة النكرة إلى المعرفة فيصير من صيغ العموم بكل اسم هو لله صار المعنى بسم الله أي: بكل اسم هو لله سمى به نفسه أو أنزله في كتابه أو علمه أحدًا من خلقه أو استأثر به في علم الغيب عنده. لأنه صار من صيغ العموم فانظر الفرق بين المعنيين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015