لأنه لم يكن في القرآن آيةٌ مفردة لا يتصور وجود آيةٍ مفردة بل كل آيةٍ مستلزمهٌ لآيةٍ قبلها وآيةٍ بعدها، ولذلك لم يحصل التحدي بآية الواحدة لأن أقل آية في القرآن كلمة واحدة {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64]. هل يعجز العربي الفصيح .. أن يقول: مُدْهَامَّتَانِ أو أن يأتي بمثلها لا يأتي، لكن ... {مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: 64] في موضعها باعتبار ما قبلها وما بعدها لو اجتمع الإنس والجن أن يأتوا بكلمة في هذا الموضع ثم لا يخل المعنى بلاغةً عن المعنى السابق لم يستطيعوا إلى ذلك سبيلاً، وهذا أحسن ما يقال ولذلك قال بعضهم: القرآن كله معجز، هذا نحكم به القرآن كله معجز، لكن فيه ما لو انفرد لكان معجزًا بذاته لو انفردت سورة البقرة من ضمن القرآن لكانت معجزةً بذاتها لا شك في ذلك وحتى أقل سورة التي هي سورة الكوثر نقول معجزة بذاتها.

ومنه ما إعجازه ما لانضمامه إلى غيره كالآية المفردة هذه معجزة لكن لا من حيث هي لأن العربي لا يعجز أن يقول: ثم نظر. هل قبل نزول القرآن لم يتلفظ أحد بقوله: ثُمَّ نَظَرَ. أو ثُمَّ عَبَسَ هذا لا يتصور، حينئذٍ نقول قبل نزول القرآن لا يمتنع أن يقول قائلٌ مُدْهَام أو يقول ماذا؟ ثُمَّ نَظَرَ، فحينئذٍ نقول: هذه الآية من حيث كونها مفردة لم يحصل التحدي بها لأن في إمكانهم أن يأتوا بالمفردة لكن في موضعها بانضمامها إلى ما قبلها وما بعدها يعجز البشر عن أن يأتوا بمثل هذه الآية باعتبار ما قبلها وما بعدها لذلك قال بعضهم: القرآن كله معجز - وهذا أحسن ما يقال في هذا الموضع - لكن فيه ما لو انفرد لكان معجزًا بذاته، ومنه ما إعجازه مع الانضمام فإن القرآن يتفاوت إعجازه ويتفاضل ثوابه كما أن الثواب سيأتي متفاوت كذلك الإعجاز يتفاوت.

(ومِنْهُ الإعْجازُ ومِنْهُ الإعْجازُ بِسُورَةٍ حَصَلْ) يعني حصل بسورةٍ ومثلها فيه قدرها من غيرها، لأنه لا يقال مثلاً لا يحصل الإعجاز بآية لو انفكت آية الدين هل يحصل الإعجاز بالآية، نعم يحصل الإعجاز لأنها بقدر سورة الكوثر بل أكثر فكل آية موازية في الكلمات والأسطر لسورة الكوثر فأكثر يحصل إعجازٌ بها وما أدنى من ذلك سيأتي الكلام الذي ذكرناه سابقًا.

إذًا اقتصر على السورة لماذا؟

لأنه لم يكن في القرآن آيةٌ مفردة بل الآية تستلزم مناسبةً لما قبلها وما بعدها (ومِنْهُ الإعْجازُ بِسُورَةٍ حَصَلْ) أي حصل بسورةٍ واحدة.

والسُّورَةُ الطائِفَةُ المُتَرْجَمَةْ ... ثَلاثُ آيٍ لأَقَلِّها سِمَةْ

نقف على هذا وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015