إذًا افتتح المصنف أو الناظم رحمه الله تعالى منظومته ((منظومة التفسير)) بالبسملة، وافتتاح الشعر الذي يكون في العلوم والآداب هذا متفق عليه لا بأس به، وإنما وقع خلاف فيما عدا العلوم والآداب هل يجوز أن يفتتح الشعر بالبسملة أو لا؟ على خلاف ذكرناه فيما سبق، أما هذه التي معنا فبالاتفاق أنه يجوز أن يفتتح الشعر لأنها آية والشعر في الجملة مذموم جاء ذمه في الشرع فهل كل شعر مذموم؟

لا. ليس كل شعر مذموم. وعليه إذا كان الشعر فيه ما فيه فحينئذ البسملة آية من آيات الكتاب، هل يجوز أن يُتقدم بالبسملة بين يدي الدواوين والشعر؟

المسألة فيها خلاف لماذا؟

لأن الشعر كما ذكرت لكم أنه فيه ما فيه من حيث الأنواع، والبسملة جاء في الحديث: «كل أمر ذي بال». يعني: كل أمر ذي بال وشأن يهتم به شرعًا. فهل يهتم الشرع بالدواوين ونحوها؟

الجواب: في الجملة لا، إلا إذا كان مؤديًا إلى حفظ لغة العرب فحينئذ جاء من قبيل ما لا يتم الواجب به فهو واجب لماذا؟

لأن القرآن والسنة بلسان عربي، والقرآن على جهة الخصوص نزل بلسان عربي مبين حينئذ لا يمكن فهم لسان العرب الذي هو القرآن إلا بفهم لسان العرب الذي نقل عن العرب أنفسهم.

(بسم الله الرحمن الرحيم) نقول: إذًا لا بأس بالابتداء بها في هذه المنظومة بالإجماع لأنها مما اشتمل على العلم والآداب، ابتدأ المصنف نظمه بالبسملة لأمور:

أولاً: اقتداء بالكتاب العزيز. لأنه مفتتح بالبسملة.

ثانيًا: اقتداء بالسنة الفعلية. لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا كتب الرسائل افتتحها بـ: بسم الله الرحمن الرحيم إلى هرقل عظيم الروم كما جاء في صحيح البخاري.

الثالث: إن صح الحديث فيقال بالسنة القولية: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بـ بسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر». «كل أمر ذي بال». يعني: كل شيء ذي بال يُهتم به شرعًا لا يُبدأ فيه بـ بسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر - يعني كالأبتر -. أي ناقص البركة قالوا: فهو إن تم حسًا إلا أنه ناقص من جهة المعنى لو تم حسًا تم الكتاب كتابته وطباعته ولم تذكر فيه البسملة فحينئذ يقل النفع يعني: وإن تم حسًا إلا إنه ناقص من جهة المعنى. لماذا؟

لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكم بأنه أبتر، والأبتر هو مقطوع الذَّنَب فحينئذ لا بد أن يكون مقطوعًا إما حسًا بأن لم يتمه بالفعل، وإما أن يكون من جهة المعنى فهو إن تمه أو أتمه فحينئذ لا بد أن يصدق عليه الحديث فهو أبتر لا بد أن يكون مقطوع الذَّنب أو كمقطوع الذَّنَب، فحينئذ الغاية المرجوة من كتابة الكتاب وتأليف المؤلف هو نفع الناس فحينئذ إذا نقص النفع حصل ماذا؟

حصل البتر وقل هذا على جهة التنزل مع صحة الحديث.

الأمر الرابع: إجماع المصنفين والمؤلفين. قال ابن حجر رحمه الله تعالى: وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالتسمية وكذا معظم كتب الرسائل. ذكره في مقدمة شرح البخاري وقد استقر عمل الأئمة المصنفين على افتتاح كتب العلم بالتسمية وكذا معظم كتب الرسائل، إذًا هذه سنة عملية من جهة أهل العلم كأربعة أمور شرع الناظم في ابتداء منظومته بالبسملة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015