(قُلْ مِثالُ) والمراد بالمثال ماذا؟ جُزْئِيٌ يُذْكَرُ لإيضاح القاعدة. هذا هو الذي فسر به هنا، إطلق هكذا فجأة عرف المثال، فعرف المثال بأنه جزئي يذكر لإيضاح القاعدة، حينئذٍ لا يلام، لكنه لما يذكر المعتل قبله والأجوف والناقص والمثال والأجوف والناقص جاءت متصلة فنقول: هذا فيه سهو لأن الشيء يُقيد بـ .. كما ذكرناه البارحة وذكرت البيت بيت ابن مالك:
مَوْصُولُ الاسْمَاءِ الَّذِي الأَنْثَى الَّتِي
قال: موصول الأسماء الذي. لم يقيده بكونه مذكر أو مؤنث، موصول الأسماء الذي الأنثى التي لما قيد الأنثى بالتي عرفنا أن الذي خاص بالمذكر، لأنه قد يحذف من لفظ قيد ويذكر مخالفه في ما بعده فيُعلم أن ذلك مقيد بضده.
مثال هي (مِثالُ الايجَازِ) والهمز هنا همزة قطع سهلت من أجل النظم (ولا تَخْفَى المُثُلْ لِمَا بَقِي). (ولا تَخْفَى المُثُلْ) المثلُ جمع مثال فُعُل فِعَال يُجْمَعُ على فُعُل مثال يجمع على مُثُل. مثال كما ذكرناه بأنه جزئي ويذكر لإيضاح القاعدة (ولا تَخْفَى المُثُلْ لِمَا بَقِي) من الإطناب والمساواة.
(كـ {لَا يَحِيقُ الْمَكْرُ}) هذا مثال للمساواة، وقلنا: مثال المساواة في القرآن عزيز بل نص السيوطي لا يكاد يُوجد خاصة في القرآن، وكل ما ادُّعي فيه بأنه مساواة، فإما أن يكون إيجاز أو إطناب لا يخرج عنهما، ولو وجد في غير القرآن فلا إشكال (كـ {لَا يَحِيقُ الْمَكْرُ}) (كـ {لَا) يعني: كقوله تعالى. (لِمَا بَقِي) يعني: فمثال المساواة كقوله تعالى: {وَلَا يَحِيقُ}. يعني: لا ينزل. {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} [فاطر: 43] (وَلَكَ فِي إِكْمَالِ هَذِي أَجْرُ) أكمل الآية ولك أجر {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ} قالوا: هذه للمساواة مثال للمساواة فإن معناه مطابق للفظه حيث أُدِّيَ بما يستحقه من التركيب الأصلي والمقام يقتضي ذلك ولا مقتضى للحدود عنه إلى الإيجاز والإطناب هذا رأي من مثل بهذه الآية لكنه منتقد لماذا؟
أُورِدَ عليه أمران - من استدل بهذه الآية بكونها مثالاً على المساواة نقول: هذا أُورِدَ عليه إيرَادن -:
الأول: أن فيه إطنابًا. يعني: زيادة تطويل لفائدة. لأن السيئ زيادة لأن كل مكر من المخلوق لا يكون إلا سيئًا {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ} {إِلَّا بِأَهْلِهِ} لو قيل هكذا المكر من المخلوق لا يكون إلا سيئًا فقوله: {الْمَكْرُ السَّيِّئُ}. هذا من باب التأكيد، والتوكيد عندهم إذا علم من السابق هذا يسمى إطنابًا، نوع من أنواع الإطناب، إذًا هذه الآية مثال للإطناب وليست مثالاً المساواة. إذًا لأن كل مكر من المخلوق لا يكون إلا سيئًا.
الثاني: أن فيه إيجازًا، لأن الاستثناء إذا كان مفرغًا ففيه إيجاز القصر، تقليل اللفظ مع زيادة المعنى بلا حد وإلا ففيه إيجاز قصر بالاستثناء وإيجاز حذف للمستثنى منه فإنه يُقَدَّرُ بأحدهما.