شبه التضاد، لأن الشيء يُحمل على نظيره وكذلك يُحمل على نقيضه، ويحمل على مضاده من المعاني، فحينئذٍ يُجعل اتحاد المعنى إما بحمل النظير على النظير أو بحمل النقيض على النقيض، فحينئذٍ هنا حصل ماذا؟ حصل تشابه وهو بين كون الجنة النعيم {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} ابن القيم يقول: {لَفِي نَعِيمٍ} نعيم نكرة في سياق الامتنان فيعم، فالأبرار هذا عام يشمل النعيم في الدنيا وفي الآخرة {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} أين النعيم في الآخرة أم في الدنيا والآخرة؟ في الدنيا والآخرة ما وجه الاستدلال نقول: نعيم هذا نكرة في سياق الامتنان فيعم، يعم ماذا؟ يعم مطلق النعيم كل نعيم في الدنيا والآخرة. ... {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: 14] هذا يحمل بحمل النقيض على نقيضه. إذًا علة الوصل هنا لما بينهما من شبه التضاد المقتضي للوصل (وإِنَّ الأبْرَارَ لَفِي نَعِيمِ) مع ما بعدها وهو قوله: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ}. وعلة الوصل كما قيل أن بين الجملتين اتحادًا في المعنى وهو شبه التضاد خبرًا وإنشاءً لأنهما خبريتان لفظًا ومعنى، وعند البيانين أن الجملة يُشترط فيها أن تكون ماذا؟ متحدتين في كونها خبرًا من جهة اللفظ وفي المعنى، إذا اختلفا ففيه خلاف لا تعطف الجملة على الجملة إلا إذ اتحدت معها في كونها خبرًا لفظًا ومعنى، وإذا اختلفتا فحينئذٍ فيه خلاف هل يعطف الجملة الإنشائية على الجملة الخبرية والعكس؟
هذا محل خلاف.
مثال (في الوَصْلِ) يعني ما ذكر مثال وهو جزئي يذكر لإيضاح القاعدة في الوصل (والفُجَّارَ في جَحِيْمِ) هذا بيان للمعطوف من باب التسليم.
إذًا (الفَصْلُ والوَصْلُ) مقامها يطلبان أو يبحثان من علم وفن المعاني.
نقف على هذا.
وصلَّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.