(النوع الخامس: المترادف) المترادف هذا خبر (مِنْ ذَاكَ) أي: المترادف (مَا قَدْ جَاءَ) ما اسم موصول بمعنى الذي في محل رفع مبتدأ مؤخر و (مِنْ ذَاكَ) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم (مَا) أي: لفظان فأكثرا أو أكثرا لا يصدق على لفظ واحد كالمشترك، المشترك لفظ واحد عين أو قرء وهنا لا، لا بد من لفظين فأكثر (مِنْ ذَاكَ) أي: من المترادف (مَا) أي: لفظان أو أكثر جاء (كالإِنْسَانِ وبَشَرٍ) جاء أي: ثبت أو جاء مجيئًا كمجيء الإنسان وبشرٍ، إنسان وبشر هذا مدلوله شيء واحد حينئذٍ يصدُق عليه حد المترادف، إذا أردت أن تضبط هل هذان اللفظان مترادفان أم لا؟ انظر في حد المترادف ما اتحد معناه واختلف فيه اللفظ، فحينئذٍ إنسان مسماه ذات مشخصة وبشر مسماه ذات مشخصة نفسه تقول: زيد إنسان. وزيد نفسه بشر، كالإنسان وبشر ولا يمنع هذا أن يكون الإنسان متضمن لصفة المغايرة لما تضمنه لفظ بشر لا مانع من ذلك، وهذا ما جعله ابن القيم رحمه الله قسيمًا للقسم الأول من المترادف (كالإِنْسَانِ) قيل: سمي به لنسيانه وما سمي الإنسان إلا لنسيانه، وبالثاني (وبَشَرٍ) لظهور بَشَرَتِهِ أي: ظاهر جلده. هو ليس كالقط مثلاً القط مغطى أليس كذلك؟ ولذلك بالنظر هنا إلى كون كل منهما له صفة مغايرة للأخرى جعل الخلاف لفظي ولذلك قيل: من جعلها مترادفة يعني - الإنسان وبشر - من جعلها مترادفة نظر إلى اتحاد بدلالتها على الذات، ومن منع من الحكم بكونه إنسان وبشر مترادفين نظر إلى اختصاص بعضها بمزيد معنى، فهي تشبه المترادفة في الذات والمتباينة في الصفة، وهي نفسها. (مِنْ ذَاكَ مَا قَدْ جَاءَ) قد التحقيق جاء مجيئًا كمجيء الإنسان وبشر في كون معناهما واحدًا وهو الحيوان الناطق (في مُحْكَمِ القُرآنِ) محكم المراد به المتقن من الإحكام وهو الإتقان، هل جاء الإنسان في القرآن؟ نعم. هل جاء بشر {مَا هَذَا بَشَراً} [يوسف: 31]، {إِنَّ الإِنسَانَ}، {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} [الإنسان: 1] إذًا ورد لفظ الإنسان وورد لفظ البشر إذًا ليس بالمعدوم.

(واليَمِّ والبَحْرِ) اليَمِّ هذا بالجار عطف على ماذا؟ على الإنسان يعني: وكما جيء اليم بالجر عطف على الإنسان والبحر فإن معناهما واحد معنى البحر هو اليم ووردا في القرآن أو لا؟ أي وردا في القرآن.

(كذا العَذابُ) اليم والبحر معناهما واحد (كذا العَذابُ رِجْسٌ) يعني: ورجس (ورِجْزٌ) هذه ثلاثة ألفاظ بمعنى واحد، الرجز جاء بمعنى العذاب وقد يأتي في الخارج كما في الحديث «إنها رجس». أو رجز. بمعنى النجس، لكن تأتي بمعنى العذاب (كذا العَذابُ) العذاب كذا، كذا هذا خبر مقدم والعذاب مبتدأ مؤخر و (رِجْسٌ) بإسقاط العاطف الحرف (رِجْسٌ ورِجْزٌ) بكونها مترادفة إذ معناها كلها واحد (جَاءَ يَا أَوَّابُ) (كذا العَذابُ رِجْسٌ ورِجْزٌ جَاءَ يَا أَوَّابُ) يا أواب يعني: يا كثير الأوبة والتوبة هذا تكمله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015