وسبب الخلاف كما هو معلوم النصوص المتوافرة على أن القرآن عربي ... {قُرْآناً عَرَبِيّاً}، {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً} [يوسف: 2] وظاهر اللفظ ماذا؟ ظاهر اللفظ أن القرآن كله عربي حينئذٍ يلزم منه أن لا يوجد فيه لفظ (?) لفظ عربي. ثم يَرِدُ سؤال هل إذا وجد في القرآن وقد حكم عليه بأنه عربي لو وجد فيه ألفاظ يسيرة تُعد يمكن عَدُّهَا هل يخرجه عن كونه عربيًّا أو لا؟

هذا حل نزاع عند أهل العلم، هل إذا وجدت ألفاظ مُعَرَّبَة تُعَدّ يُمْكِنُ عَدَّهَا أوصلها أكثر ما أوصلها السيوطي إلى ستين وقيل: إلى مائة. وهب أنها مائة هذه معدودة، القرآن كم كلمة ستة آلاف ومائتين كلمة كم تعدل المائة أو الستين من ستة آلاف ومائتين كلمة، يسير شيء يسير، هل يخرجه عن كونه عربيًّا أو لا؟ هذا محل نزاع. ولذلك السيوطي جمع هذه الألفاظ كلها في كتابٍ سماه ((المهذب في ما وقع في القرآن من الْمُعَرّب)). وذكرها في ... ((الإتقان)) كلها وذكر بعض ما نُظِمَ في ذلك.

اختلف الأئمة في وقوع الْمُعَرَّب في القرآن على قولين:

الأول: عدم وقوعه في القرآن. لا يكون في القرآن ما هو لفظ مُعَرَّب، وهذا مذهب الأكثر (وليس في القرآن عند الأكثر) هكذا.

اللفظ إن ما استعملته العربُ ... فيما له لعندهم مُعَرَّبُ

وليس في القرآن عند الأكثرِ ... كالشافعي وابن جرير الطبري

إذًا أكثر عند أهل العلم على أن الْمُعَرَّب لا يدخل القرآن، لكن ليس هذا على إطلاقه وإنما أرادوا به سوى الأعلام فإبراهيم هذا عجمي ليست بكلمة عربية وإسحاق ويعقوب، نقول: هذه كلمة ليست بعربية مع كونها موجودة في القرآن فأجمعوا على أنها ليست بعربية، وأجمعوا على أنها لم تخرج القرآن عن كونه عربيًا واحفظوا هذا، إنما أنزل القرآن بلسان عربي مبين فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعراء: 195] فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول وأعظم الفدية. وقال ابن أوس: لو كان فيه من لغة غير العرب شيء لتوهم متوهم أن العرب إنما عجزت عن الإتيان بمثله لأنه أتى بلغات لا يعرفونها. لقال متوهم بأن العرب عجزوا لماذا؟ لأنه خاطبهم بألفاظ هي من فارس والحبشية والروم .. إلى آخرها ولا يعرفون هذه اللغة، هذا يمكن يقال لو أنزل سورة كاملة فارسية، أو كانت ثلاث أرباع القرآن كله رومي أو بالحبشي يمكن أن يقال هذا، أما كلمة لو قيل ستون كلمة في القرآن والقرآن كم جزء؟ ثلاثون جزء إذًا كم؟ ستون حزبًا يعني: في كل حزب كلمة واحدة. في كل حزب كلمة وكل عشرة صفحات كلمة واحدة مُعَرَّبَة هل يخرجه هذا عن كونها عربية؟ هذا محل نزاع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015