أَمَالَ يُمِيلُ بضم حرف المضارعة لأنه من الرباعي وضمها من أصلها الرباعي مثل يُجِيبُ مِنْ أَجَابَ الدَّاعِي إمالةً أصله إِمْيَالْ إِفْعَال هذا الأصل كما نقول: أَكْرَمَ يُكْرِمُ إِكْرَامًا أَقْوَمَ يُقْوُمُ إِقْوَامًا ونحن نقول: إِقَامَة ما نقل إِقْوَامًا ونقول إِمَالَة ولا نقول: إِمْيَالاً دل على ماذا؟ على أن ثَمَّ إعلال حصل في الكلمة إعلالٌ بالنقل وإعلالٌ بالحذف، الإعلال الأول إعلالٌ بالنقل وهو كيف جاءت هذه الألف مع زيادة التاء والأصل أن المصدر الرباعي أَكْرَمَ إِكْرَامًا إِفْعَالاً فنقول حينئذٍ حصل إعلال نوعان: إعلالٌ بالنقل، وإعلالٌ بالحذف أَقْوَمَ يُقْوِمُ إِقْوَامًا أيضًا الذي جعلنا نقلب الواو ألفًا اكتفاءً بجزء العلة أنه لم يُسمع إِقْوَامًا وإنما سمع إقامةً فدل على أن هذه الألف منقبة عن الواو، والقاعدة أن الواو لا تنقلب ألفًا إلا إذا تحركت وانفتح ما قبلها فوجدنا أن الواو هنا تحركت ولكن لم ينفتح ما قبلها فلا بد ونضطر أن نكسر القاعدة لكن بحيلة ولا نأتي لها هكذا مباشرة نقول نقلبها دون نظر للقاعدة لكن نحتال على القاعدة فنقول: القاعدة أو العلة مركبة من تحرك الواو وانفتاح ما قبلها فاكتفاءً بجزء العلة إذًا ما رددنا العلة كلها وإنما اكتفينا بجزءٍ منها، فحينئذٍ نقول: إقوامًا على الأصل تحرك الواو واكتفي بجزءٍ العلة فقلبت ألفًا فاجتمع عندنا ألفان الألف المنقلبة عن الواو وهي عين الكلمة والألف التي هي ألف المصدر لا بد من حذف إحداهما قيل الأولى وقيل الثانية، والأصح أنها الأولى التي انقلبت عن الواو لماذا؟ لأنهم لما حذفوها عوضوا عنها والقاعدة عند العرب أنهم لا يعوضون إلا عن الحرف الأصلي فدل على أن الألف المحذوفة هذه عوض عنها التاء إذًا هي أصلية وليست كونها أصلية بعينها وإنما لكونها منقلبة عن أصلي فعلمنا أن الألف التي انقلبت عن الواو هي المحذوفة فقيل إقوامًا إقا، ثم الألف حذفنا الألف الأولى وعوضنا عنه التاء فصارت إقامةً، إمالةً مثله هذه مقدمة لإمالة، إمالةً أصله إِمْيَال إِفْعَال هذا الأصل أليس كذلك؟ قلبت حركة الياء ولما انفتح ما قبلها اكتفاءً بجزء العلة قلبت الياء ألفًا فاجتمع عندنا ألفان ألف المصدر الثانية وألف التي هي عين الكلمة منقلبة عن الياء اجتمع ألفان لا يمكن تحريك أحدهما لا بد من حذف الألف الأولى أو الثانية، اختلف فيهما على قولين والمرجح أنه الألف الأولى للتعويض عنها بالتاء ولا يعوض إلا عن أصلٍ ولكون ألف المصدر إنما جاءت لمعنى، وما جاء لمعنى فهو أولى بالثبوت مما هو من حيث لفظه حرفٌ لا يدل على معنى لأن العين التي هي انقلبت ألفًا هذه حرف مبنى وتلك الألف المصدرية حرف معنى وإذا دار الأمر بين حذف حرف المبنى وحرف المعنى فأيهما أولى؟ الحكم بكون المحذوف في حرف المبنى أولى لأن حرف المعنى كلمة بذاتها برأسها حينئذٍ نقول: إمالة على مصدر أَمَالَ يُمِيلُ إمالةً، أصله أًمْيَلَ يُمْيِلُ يُمْ يُمِي استثقلت الكسرة على الياء فنقلت إلى ما قلبها هذا إعلال بالنقل يميل يُمْيِلُ على وزن يُفْعِلُ إمالةً إِمْيَالاً هذا أصله.