ثم بعد هؤلاء الذين أخذوا عن الصحابة تفرغ أو تجرد قوم من التابعين واعتنوا بضبط القرآن أتم عناية حتى صاروا أئمةً يُقتدى بهم ويرحل إليهم اشتهر من هؤلاء التابعين الذين فرغوا أنفسهم لضبط القرآن اشتهر من هؤلاء في الآفاق الأئمة السبعة الذين هم أجمعوا على أن قراءتهم متواترة: نافع وأخذ عن سبعين من التابعين منهم: أبو جعفر يزيد بن القعقاع.
وابن كثير وأخذ عن عبد الله بن السائب صحابي وهو صحابيٌّ.
وأبو عمرو وأخذ عن التابعين.
وابن عامر وأخذ عن أبي الدرداء وأصحاب عثمان.
وعاصم وأخذ عن التابعين.
وحمزة وأخذ عن عاصم، والأعمش، والسبيعي أبي إسحاق، ومنصور بن المعتمر وغيرهم.
والكسائي وأخذ عن حمزة، وأبي بكر بن عياش.
ثم انتشر القراء في الأمصار وتفرقوا أممًا واشتهر من رواة كل طريق اثنان، اشتهر من رواة كل طريق من السبعة راويان فعن نافع قالون وورش عنه.
وعن ابن كثير: قنبل، والبزي عن أصحابه عنه.
وعن أبي عمرو: الدوري، والسوسي عن اليزيدي عنه.
وعن ابن عامر: هشام، وذكوان عن أصحابه عنه.
وعن عاصم: أبو بكر بن عياش، وحفص عنه.
وعن حمزة: خلف، وخلاد عن سليم عنه.
وعن الكسائي: الدوري، وأبو الحارث.
ثم صُنِّفَتْ المصنفات وفُنِّنَتْ العلوم وصار كل فن من فنون القراءات يؤلف فيه مؤلف وعزيت الوجوه والروايات وميزوا الصحيح والمشهور ووضعوا قواعد وأصول وصاروا عليها حتى ذُكر أن أول من صنف في القراءات أبو عبيدة القاسم، ثم أحمد بن جبير الكوفي، ثم إسماعيل بن إسحاق صاحب قالون، ثم أبو جعفر بن جرير الطبري هذا من أوائل من صنف في القراءات، لذلك قال: (رُجُوعُ سَبْعةٍ). إذًا هؤلاء السبعة الذين ذكروا نافع، وحمزة، وعاصم، وابن عامر، وأبو عمرو، وابن كثير، والكسائي هؤلاء مصدرهم التابعون إن لم يكن بعضهم من التابعين ومصدرهم المرجع الأخير الصحابة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولذلك نقول: وقراءة كل سنة متواترة. (رُجُوعُ سَبْعةٍ) الذين أشار إليهم في السابق وهنا قد أعاد المعرفة نكرة قال: السبعة القراء. هذا معرفة أليس كذلك (رُجُوعُ سَبْعةٍ) أعاده نكرة وهو عين الأول هذا على خلاف القاعدة استثناء (لَهُمْ) أي: لهؤلاء المذكورين هنا (لا بُدَّ هْ) يعني: لا بد له ولا مخلص منه ولا فرار منه.
ثم قال: العقد الثالث: ما يرجع إلى الأداء وهذا نأتي عليه غدًا إن شاء الله تعالى وصلَّ الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.