الثاني: المشهور. وهو الذي فُقد فيه التواتر، وهو ما صح سنده، ووافق العربية والرسم، واشتهر عند القراء - بقيد الشهرة - واشتهر عند القراء فلم يعدوه من الغلط ولا من الشذوذ ويُقرأ به على مقال ابن الجزري، المشهور لم يتواتر إذًا كل ما لم يتواتر فليس بقرآن القاعدة العامة عندهم، فحينئذٍ المشهور ليس بتواتر فلا يقرأ به والأصح أنه يُقرأ به فإذا جوزنا قراءة الآحاد كالثلاثة حينئذٍ ما لم يكن آحادًا ولم يصل إلى درجة التواتر من باب الأولى وأحرى. ومَثَّلَ له بما اختلفت الطرق في نقله عن السبعة، كُلّ ما اختلف فيه النقل عن السبعة - السبعة كل ما اتفقوا عليه فهو متواتر - إذا اختلفوا في النقل عن السبعة نقول: هذا لم يُنقل آحادًا ولم ينقل تواترًا فصار ماذا درجةً وسطى، فيجوز القراءة به على الصحيح عند ابن الجزري وغيره وعند الجمهور لا يُقرأ به، لماذا لفقد شرط التواتر.
الثالثة: الآحاد. وهو ما صح سنده، وخالف الرسم أو العربية. صح السند لكنه خالف الرسم رسم القرآن المصحف العثماني أو العربية مخالفةً تضر أو لم تشتهر مع صحة السند عند القراء ولا يُقرأ به مع كونه صح سنده لكنه خالف الرسم وخالف القواعد مخالفةً تضر هذا حتى عند ابن الجزري لا يقرأ به لأنه ليس بقرآن ولو صح سنده، مَثَّلُوا له بقراءة ابن عباس (مِنْ أَنْفَسِهِمْ)، لقد جاءكم رسولٌ من أَنْفَسِكُمْ والقراءة المشهورة من أَنْفُسِكُمْ، كما سيأتي بيناه.
الرابع: الشاذ. وهو ما لم يصح سنده ضعيف لم يصح سنده فهو شاذ. ومنه قراءة (مَلَكَ يومَ الدين) بصيغة الماضي الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مَلَكَ يومَ الدين، مَلَكَ فعلٌ ماضي والضمير فاعل هو ويومَ هذا مفعولٌ به هذه قراءة ضعيفة لم يصح سندها.
الخامس: الموضوع. وهو: ما لا أصل له. مثلوا له ما جمعه الخزاعي محمد بن جعفر نسبها إلى أبي حنيفة قراءة جماعها ألفها ونسبها إلى أبي حنيفة أتباع أبي حنيفة يصنفون وينسبون لأبي حنيفة - إكرامًا له تعظيم تعظيمًا له -! ولذلك مر معنا المقصود هذا ألفه الإمام الأعظم والفقه الأكبر .. إلى آخره وهذا منه، قراءات.
السادس: المدرج. وهو ما زيد في القرآن على وجه التفسير. مثلوا له بقراءة ابن مسعود (وله أخٌ أو أختٌ من أمٍ)، من أمٍ هذه زيادة زادها ابن مسعود تفسيرًا ولم يمنع ابن الجزري رحمه الله من كون بعض الصحابة يزيد بعض الألفاظ من باب التفسير قالوا: وهذا لا يلتبس لأن القرآن عندهم مصان ومحفوظ ولا يمكن أن يُشكل هذا اللفظ زائد عن القرآن أو لا.
هذه ستة أقسام ذكرها السيوطي رحمه الله في ((الإتقان)) وفي ((التحبير)) إذا عرفنا أن القراءات وقع خلاف ونزاع متواتر، ومشهور، وآحاد، وهل يجوز القراءة به أو لا يحوز قد يَرِدُ السؤال هل هناك فائدة من جهة الشرع في الاختلاف أو لا، حتى فيما ثبت من جهة التواتر.
نقول: نعم ثم فوائد ذكرها بعض أهل العلم:
أولها: تدل هذه القراءات على اختلافها على صيانة كتاب الله تعالى وحفظه من التبديل والتحريف مع كونه على هذه الأوجه الكثير، وجوه كل قارئ له طريقان وكل طريق له وجوه متعددة وخلاف إلى آخره كل هذه تدل على ماذا؟