الحديث المرفوع ولا إشكال وإذا لم يكن معارض بحديث مرفوع فحينئذٍ يعمل به مطلقًا ولا إشكال، هذا فيما إذا جرى مجرى التفسير قيل: يعمل به. وقيل: لا يعمل به. والأصح أنه يُعمل به، والأصح أنه يحتجُ بها كخبر الآحاد كما يُروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خبر واحد كذلك يحتج بالقراءة إذا ثبتت عن خبر واحد والأصح أنه يحتج بها كخبر الآحاد لصحة نقلها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذا صح السند وقرأ ابن مسعود (فصيام ثلاث أيام متتابعات) حينئذٍ انتفى التواتر في كونها قرآن ولكن بقي ماذا؟ أنها منقولة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الصحابة يبُعد أن يزيدوا حرفًا واحدًا ولو كان من جهة المعنى أو القيد أو التخصيص دون رجوع إلى النقل، فلهذا الاحتمال بل لهذا الظاهر حينئذٍ نعامله معاملة الحديث المرفوع كأنه خبر واحد، لذلك لصحة نقلها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا يلزم من انتفاء قرآنيتها لكونها آحاد لم تكن متواترة لا يلزم من انتفاء قرآنيتها انتفاء عموم خبريتها حينئذٍ تعامل معاملة الخبر وإنما لم تصح القراءة بها لعدم شروط التواتر أو لعدم شرط التواتر، هذا إن قلنا بأن القرآنية مقيدة بالتواتر، وإذا أثبتنا بأنها مقيدة بصحة السند حينئذٍ يدخل فيما ذكره ابن الْجَزَرِيّ.
إذًا قوله: (وإِلاَّ). يعني: بأن لم يجر بغيره في الحكم إن لم يجر مجرى التفسير وإلا فادر بأن جرى مجرى التفسير قولين فادر يعني: فاعلم. قيل: يُعمل به. وقيل: لا يُعمل به. والأصح أنه يُعمل به كخبر الواحد وقيل: لا يُعمل به. لماذا؟ لأنها جاءت على كونها قرآنًا فانتفى كونها قرآنًا، إذًا سقط ما يدل على كونها قرآنًا وسقط ما تضمنته الآية من زيادة سقط ماذا؟ قرآنيتها وسقط مع قرآنيتها ما تضمنته من الأحكام نقول: لا، انتفاء شرط التواتر على القول به لا يلزم منه انتفاء خبريتها بل هي من هذه الحيثية خبر لأنه يبُعد أن الصحابة يزيدون من عند أنفسهم من تلقاء أنفسهم.
(إِنْ عَارَضَهُ) أي: غير المتواتر. الحديث المرفوع، المرفُوع هذا فاعل عارض (قَدِّمْهُ) أي: قدم المرفوع (ذا القَولُ) وهو تقديم الحديث المرفوع على غير المتواتر من الآحاد والشاذ هو القول المسموع والمرضي عند أهل العلم لأن ذاك نص في كونه مرفوعًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهذا وإن كان الظاهر أنه في قوة المرفوع إلا أنه ليس كالمرفوع حقيقة، ولذلك إذا تعارض مرفوع حقيقة ومرفوعٌ حُكمًا ولم يمكن الجمع أيهما يقدم؟
المرفوع حقيقةً هو المقدم.
والثَّانِيُ الآَحَادُ كالثَّلاثِةِ ... تَتْبَعُها قِرَاءَةُ الصَّحابَةِ
يبقى في مسألة التواتر هناك ذكر ابن الحاجب رحمه الله تعالى مسألة قد شُنِّعَ عليه بها وهي: أن المتواتر هو جوهر اللفظ وأما هيئة اللفظ من المد، والإمالة، وتخفيف الهمزة فليس بمتواتر. وينبني عليه أن التجويد ليس بمتواتر وليس بواجب فشُنِّعَ عليه وصارت مسألة فيها ردود و ... إلى آخره.
وقيل إلا هيئة الأداءِ ... وقيل خلف اللفظ للقراءِ