(يَلْحَقُهُ النَّازِلُ مِثلُ الرُّؤْيَا) هنا ما ذكر النوم لما ذكرناه سابقًا وإن كان كثير يذكرون هذا يقولون: التاسع والعاشر الفراشي والنومي. لكنه لم يذكر النومي لأنه مظنة أن الوحي نزل عليه وهو نائم وهذا لا وجود بل لا يدعيه مدعٍ وينفيه، لكنه قول ضعيف في سورة الكوثر أغفى إغفاءة لكن لا ليست هذه الإغفاءة بنوم وإنما هي ما يعتريه النبي - صلى الله عليه وسلم - عند نزول الوحي من الثقل ونحوه (يَلْحَقُهُ) أي: يلحق الفراشيّ أيضًا. (يَلْحَقُهُ النَّازِلُ) من الآيات حال كونه (مِثلُ الرُّؤْيَا) كسورة الكوثر (لِكَوْنِ رُؤيَا الأَنْبياءِ وَحْيَا) لما روى مسلم عن أنس رضي الله تعالى عنه قال: بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا إذا غفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسمًا فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال: «أُنزل عليَّ آنفًا سورة». فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} ... السورة حينئذٍ هذا نزل ماذا؟ نزل حيث أغفى النبي - صلى الله عليه وسلم - إغفاءة، فهم البعض أنه نام فأوحي إليه لكن هذا ليس بظاهر، ولذلك نقول: القرآن كله نزل في اليقظة، فكأنه الجواب عن أغفى إغفاءة فكأنه عرض عليه الكوثر الذي نزلت فيه السورة فقرأها عليهم وفسرها لهم يعني: الرؤيا التي رآها النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستيقظ من الإغفاء وقد تبسم نقول: هذا لكونه رأى الكوثر فحينئذٍ فسر السورة بماذا؟ بما رواه وإلا السورة قد نزلت في اليقظة قبل ذلك، ولكن ما أخبره إلا بعد أن أغفى إغفاءة حينئذٍ لا تعارض بأن كون القرآن ينزل إلا يقظة وبين ظاهر هذا النص، وورد في بعض الروايات أنه أُغْمِيَ عليه لم يقل أغفى إغفاءة وإنما قال: أغمي عليه. وقد يحمل هذا على الحالة التي كانت تعتريه عند نزول الوحي ويقال له: بَرْحَاءُ. أو بُرْحَاءُ كما يقولها البعض الوحي فليس حينئذٍ الإغفاءة التي وردت في النص الأول إغفاءة النوم وإنما الإغفاءة هذه ما يعتري النبي - صلى الله عليه وسلم - من ثقل الوحي.
يَلْحَقُهُ النَّازِلُ مِثلُ الرُّؤْيَا ... لِكَوْنِ رُؤيَا الأَنْبياءِ وَحْيَا
حينئذٍ ينزل في النوم إن صح التعبير (لِكَوْنِ رُؤيَا الأَنْبياءِ وَحْيَا) لماذا؟ لأنه كما جاء ((فإنهم تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم)). حينئذٍ محل نزول الوحي هو القلب، والقلب يقظ حينئذٍ استوى في الحالين سواء كان يقظًا أو نائمًا لأن محل نزول الوحي هو القلب والقلب يقظ سواء كان نائمًا أغمضت عينيه أم لا ... (يَلْحَقُهُ النَّازِلُ مِثلُ الرُّؤْيَا لِكَوْنِ) يعني: قيل بهذا (لِكَوْنِ رُؤيَا الأَنْبياءِ وَحْيَا) فإنها تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم ثم قال: العاشر أسباب النزول.
ونقف على هذا، وصلَّ الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.