(أَوْ هِيَ بِالبَيْدَاءِ) (بذَاتِ جَيْشٍ) هذا بيان للموضع الذي نزل فيه على قولين اختلاف بين الرواة هل هي بذات الجيش موضع يقال له: ذات الجيش أو هي بالبيداء؟ فيه قولان، في الصحيح عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها نزلت بالبيداء - يعني: الآية آية التيمم - نزلت بالبيداء وهم داخلون المدينة. وفي لفظ: بالبيداء أو بذات الجيش. تردد الراوي بالبيداء أو بذات الجيش لهذه الرواية الثانية حصل تردد في الحكم على موضع نزول آية التيمم مقطوع بأنها سفرية لا إشكال في هذا هي سفرية نزلت في السفر لكن أين؟ هل هي بذات الجيش أو بالبيداء موضع خلاف، والخلاف هذا لا يخرجها عن كونها سفرية. (بذَاتِ الْجَيْشٍ) يعني: فإنها نزلت بمحل يسمى ذات الجيش وهو وراء ذي الحليفة قرب المدينة. يعني: موضوع وراء ذي الحليفة قرب المدينة.
(فَاعْلَمِ) ذلك الحكم بأنها نزلت بذات الجيش أو بتنويع الخلاف بين الرواة هي: بالبيداء. هي أي: آية التيمم نزلت بالبيداء، وهي ذو الحليفة قيل في طرفها، فالبيداء قيل: هي ذو الحليفة. وقيل: طرف ذي الحليفة. قولان في تفسير البيداء، وعلى كلٍّ هذا أو ذاك فهي سفرية وسبب النزاع هو ما ذكرناه من حديث عائشة في البخاري وفي لفظ: في البيداء أو بذات الجيش قرب المدينة في القفول من غزوة بني المصطلق.
وهذه الغزوة كانت في شعبان سنة ست أو خمس أو أربع، ثلاثة أقوال، في أقوال ثلاثة إذًا عرفنا أن السفري كان آية التيمم موضعها فيه خلاف هل هي بذات الجيش أو بالبيداء.
(ثُمَّ الفَتْحُ) أي: ثم سورة الفتح. يعني: يُذكر لك بعد ما سبق سورة الفتح. و (ثُمَّ) هنا للترتيب الذكري لا أصل معناها، ثم سورة الفتح هذا عطف على آية (كَآَيَةِ التَّيَمُّمِ) ثم سورة الفتح فحذف المضاف وأقيم المضاف مقامه فجر جرًا لأن المضاف هنا مكسور أليس كذلك مجرور ثم سورةِ الفتح سورة بالجر عطف على آية ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فالأصل قد ارتفع ارتفاعًا أو انتصب انتصابًا أو خفض خفضًا أو جر جرًّا فتقول حينئذٍ: هذا الفتح عطف على آية.
ثم سورة الفتح يعني: من السفر سورة الفتح ظاهره أن كل سورة الفتح نزلت في السفر أليس كذلك؟ ثم سورة الفتح دل على ماذا؟
على أن كل سورة الفتح نزلت في السفر لكن ليس بظاهر، ظاهره ... كلها وكذا قال الْبُلقيني تمسكًا بظاهر ما رواه البخاري من حديث عمر ... رضي الله تعالى عنه: بينما هو يسير مع النبي - صلى الله عليه وسلم - .. فذكر الحديث وفيه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لقد أنزلت عليَّ الليلة سورة هي أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس». فقرأ قوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 1، 2]. قال السيوطي رحمه الله: ولا دليل فيه على نزولها تلك الليلة بل النازل منها أو فيها أولها. حينئذٍ نقول: سورة الفتح الأصح أن أولها هو الذي نزل في السفر.
(في كُراعِ الغَمِيْمِ)