وحاصل ما ذكرت في هذين البيتين أن أصل الكفر في اللغة هو الستر والتغطية، ومنه تسمية الليل كافرا كما قال لبيد بن ربيعة في معلقته:
حتى ألقت يدا في كافر وأجن عورات الثغور ظلامها (?) .
ومن محاسن التورية (?) قول البهاء زهير المتوفى سنة 656هـ من قصيدة غزلية أكثر فيها من استعمال المحسنات البديعية:
يا ليل طل، يا شوق دم ... ... إني على الحالين صابر
لي فيك أجر مجاهد ... ... إن صح أن الليل كافر (?) .
ومنه تسمية الفلاح كافرا لستره الحب وتغطيته إياه بالتراب، كما في قوله تعالى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} ، قال ابن كثير:» أي يعجب الزراع نبات ذلك الزرع الذي نبت بالغيث، وكما يعجب الزراع كذلك تعجب الحياة الدنيا الكفار، فإنهم أحرص شيء عليها وأميل الناس إليها « (?) . وتحتمل الآية أن يقصد بالكفار المعنى الاصطلاحي، كما ذكره العلامة الألوسي في تفسيره (?) .
وأما في الاصطلاح فالكفر هو نقيض الإيمان. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:» الكفر عدم الإيمان، باتفاق المسلمين، سواء اعتقد نقيضه وتكلم به، أو لم يعتقد شيئا ولم يتكلم « (?) .