ثم ذكرتُ أمثلة لأعمال الجوارح الظاهرة فقلت: (كالذكر) وهو من أعمال اللسان، ويشمل تلاوةَ القرآن، والتحدث بالعلم النافع، والثناء على الله وحمده والتسبيح والتهليل وغير ذلك، (والصلاة) وهي عمود الإسلام، وأعظم أركانه العملية على الإطلاق (والقتال) في سبيل الله، وهو ذروة سنام الإسلام، والفيصل بين العز والهوان. وهذه الثلاثةُ أفعالٌ، ولما كان التركُ فعلًا على الصحيح (?) ذكرتُه بقولي (وترك ما يشين) أي المحرمات العملية (بامتثال) أي مع الإخلاص لله عز وجل، لأن الثواب في التُّروكِ مَنُوطٌ بالامتثال، خلافا للأفعال المحضة.

وقد أجمعَ السلفُ رضوان الله عليهم على دخول أعمال الجوارح الظاهرة في مسمى الإيمان، وبَدَّعوا من خالف في ذلك، وشددوا عليه النكير. وكيف لا، والكتاب والسنة ناطقان بذلك أفصحَ النطق وأبينه؟!

فمن ذلك قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} . قال الإمام البخاري في كتاب الإيمان من الجامع الصحيح:" باب الصلاة من الإيمان، وقول الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} يعني صلاتكم عند البيت" (?) . ثم نقل بسنده حديث تحويل القبلة من بيت المقدس إلى بيت الله الحرام بمكة، ثم قال: " قال زهير (?) : حدثنا أبو إسحق عن البراء في حديثه هذا أنه مات على القبلة قبل أن تحول رجال وقتلوا، فلم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} " (?) . قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " في هذا الحديث من الفوائد الرد على المرجئة في إنكارهم تسمية أعمال الدين إيمانا" (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015