للجنس؛ لأن (لا) إذا بني ما بعدها تكون نافية للجنس، بينما إذا رفع ما بعدها تكون نافية للوحدة للمفرد، فإذا قلنا: (لا رفثَ) لا بد من نفي جنس الرفث، (ولا فسوقَ) جنس الفسوق وهكذا، وإذا قلنا: (لا رفثٌ ولا فسوقٌ) نفي للوحدة، وإذا انتفت الوحدة هل يلزم منها انتفاء الجنس؟ يعني (فلا رفث) إذا قلنا: لا رفثَ يشمل جميع الرفث، مباحه وحرامه، وهو اسم للجماع وما دونه من مقدماته، وإن خصه ابن عباس -رضي الله عنهما- فيما يتعلق بمخاطبة النساء فقط بما يتعلق بهما، أما مخاطبة الرجال لا يدخل الرفث، مخاطبة النساء وينسبون له البيت، وهو أنشده، وإن لم يكن من قوله:
وهن يمشين بنا هميسا ... . . . . . . . . .
إلى آخر البيت الذي لا ينبغي ذكره.
المقصود أنه رفث صريح، وقاله ابن عباس وهو محرم؛ لأنه لم يخاطب به النساء، وهذا أيضاً موجود ما يؤيده في بعض كتب اللغة؛ لكن هل مثل هذا الكلام يليق بابن عباس لا سيما وأنه في شطر البيت يقول: "إن تصدق الطير ... "؟ نعم هذا تطير، يربأ بابن عباس مثله، وإن نسب في التفاسير، ونسب إليه في كتب اللغة، وقد يكون ابن عباس حاكياً له، لا قائلاً له، والحاكي والقائل لا يدخل، لكن كون الإنسان يحكي ما فيه مخالفة شرعية التطير ممنوع، فلا يجوز أن يحكى إلا ببيانه، فهذا البيت حينما ينسب إلى ابن عباس النفس فيها منه شيء، ويستدلون به على أنه لا رفث إلا إذا ووجهت النساء به، وأما إذا وجه به الرجال فلا.
(ولا فسوق) جنس الفسوق، وهو الخروج عن الطاعة بالمعاصي، بفعل المحظورات، أو ترك المأمورات.
"والجدال على هذه القراءة هو المراء في أمر الحج، فإن الله قد أوضحه وبينه، وقطع المراء فيه، كما كانوا في الجاهلية يتمارون في أحكامه، وعلى القراءة الأخرى قد يفسر بهذا المعنى أيضاً، وقد فسروها بأن لا يماري الحاج أحداً والتفسير الأول أصح، فإن الله لم ينه المحرم ولا غيره عن الجدال مطلقاً؛ بل الجدال قد يكون واجباً أو مستحباً كما قال تعالى: {وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [(125) سورة النحل] وقد يكون الجدال محرماً في الحج وغيره كالجدال بغير علم، وكالجدال في الحق بعد ما تبين".