"واليوم قد بني فوقهما دكتان" بني فوق الصفا والمروة دكتان منبسطتان "فمن وصل إلى أسفل البناء أجزأه السعي" وهذا نهاية طواف المعذورين، يعني أهل العربيات إذا طاف إلى حد طواف العربيات يكفي، نعم، هذا هو المجزئ، إذا انتهى مع طواف أهل الأعذار الذين يركبون العربات يجزئه، وإن صعد إلى الجبلين فهو أكمل، "فمن وصل إلى أسفل البناء أجزأه السعي، وإن لم يصعد فوق البناء، فيطوف بالصفا والمروة سبعاً، يبتدئ بالصفا ويختم بالمروة" فإن ابتدأ بالمروة وانتهى بالصفا لزمه أن يأتي بزيادة شوط؛ لأن الأول لاغي، لا بد أن يبدأ بالصفا، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- لما رقي الصفا تلا الآية: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ} [(158) سورة البقرة] ((نبدأ بما بدأ الله به)) فلا بد من البداءة بالصفا، والسعي كما يقول أهل العلم ذهابه سعية، ورجوعه سعية، يعني ما يطوف مرتين ويعتبر هذا شوطاً واحداً كما قال ابن حزم وغيره، فيكون الاستيعاب من الصفا إلى الصفا مرة، وهكذا إلى آخره، فيكون قد طاف أربعة عشر شوطاً، هذا قول شاد، وابن القيم يقول: "لو حج أبو محمد لتغير رأيه" في كثير من المناسك؛ ولكنه لم يحج، ولا شك أن في هذا مشقة بالغة على الناس، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما فعل ذلك، فعل من الصفا إلى المروة سعية، ومن المروة إلى الصفا كذلك، حتى ينتهي بالمروة، "يبتدئ بالصفا، ويختم بالمروة، ويستحب أن يسعى" سعياً شديداً، كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- حتى كانت تبدو ركبتاه، من تحت إزاره "في بطن الوادي من العلم إلى العلم" العلم الأخضر، وهو موجود إلى الآن، والعلمات موجودة "وهما معلمان هناك".