وَبَعْدَهَا لِلْأَخْبَارِ، وَأَخْبَارُ النَّهْيِ مَحْمُولَةٌ عَلَى بُكَاءٍ مَعَهُ نَدْبٌ أَوْ نِيَاحَةٌ.

قَالَ الْمَجْدُ: أَوْ أَنَّهُ كُرِهَ كَثْرَةُ الْبُكَاءِ وَالدَّوَامُ عَلَيْهِ أَيَّامًا كَثِيرَةٍ (وَ) لَا يُكْرَهُ (جَعْلُ عَلَامَةٍ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُصَابِ (لِيُعْرَفَ فَيُعَزَّى) لِتَتَيَسَّرَ التَّعْزِيَةُ الْمَسْنُونَةُ لِمَنْ أَرَادَهَا.

(وَ) لَا يُكْرَهُ (هَجْرُهُ) أَيْ الْمُصَابِ (الزِّينَةَ وَحَسَنَ الثِّيَابِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) لِمَا يَأْتِي فِي الْإِحْدَادِ، وَسُئِلَ أَحْمَدُ يَوْمَ مَاتَ بِشْرٌ عَنْ مَسْأَلَةٍ؟ فَقَالَ: لَيْسَ هَذَا يَوْمَ جَوَابٍ، هَذَا يَوْمُ حُزْنٍ.

(وَحَرُمَ نَدْبٌ) أَيْ تَعْدَادُ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ بِلَفْظِ النُّدْبَةِ، نَحْوُ وَاسَيِّدَاهُ، وَاجَمَلَاهُ، وَانْقِطَاعَ ظَهْرَاهُ (وَ) حَرُمَتْ (نِيَاحَةٌ) : قِيلَ هِيَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِالنِّدَاءِ، وَقِيلَ ذِكْرُ مَحَاسِنِ الْمَيِّتِ وَأَحْوَالِهِ (وَ) حَرُمَ (شَقُّ ثَوْبٍ وَلَطْمُ خَدٍّ، وَصُرَاخٌ وَنَتْفُ شَعْرٍ وَنَشْرُهُ وَنَحْوُهُ) كَتَسْوِيدِ وَجْهٍ وَخَمْشِهِ لِلْأَخْبَارِ مِنْهَا: حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ مَرْفُوعًا «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» وَلِمَا فِيهِ مِنْ عَدَمِ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالسَّخَطِ مِنْ فِعْلِهِ تَعَالَى، صَحَّتْ الْأَخْبَارُ بِتَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِالنِّيَاحَةِ وَالْبُكَاءِ عَلَيْهِ،

وَحُمِلَ عَلَى مَنْ أَوْصَى بِهِ أَوْ لَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِ إذَا كَانَ عَادَةَ أَهْلِهِ، أَوْ عَلَى مَنْ كَذَّبَ بِهِ حِينَ يَمُوتُ، أَوْ عَلَى تَأَذِّيهِ بِهِ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى الْبُكَاءِ الَّذِي مَعَهُ نَدْبٌ وَنِيَاحَةٌ، وَنَحْوُ هَذَا وَمَا هَيَّجَ الْمُصِيبَةَ مِنْ وَعْظٍ وَإِنْشَادِ شِعْرٍ مِنْ النَّاحِيَةِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَمَعْنَاهُ فِي الْفُنُونِ.

(وَتُسَنُّ تَعْزِيَةُ مُسْلِمٍ) مُصَابٍ (وَلَوْ) كَانَ (صَغِيرًا) قَبْلَ دَفْنٍ وَبَعْدَهُ لِحَدِيثِ «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ مِنْ مُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ كَمِثْلِ أَجْرِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: غَرِيبٌ.

وَتَحْرُمُ تَعْزِيَةُ كَافِرٍ، وَهِيَ التَّسْلِيَةُ وَالْحَثُّ عَلَى الصَّبْرِ، وَالدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ وَالْمُصَابِ.

(وَتُكْرَهُ) تَعْزِيَةُ رَجُلٍ (لِشَابَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ) مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ (إلَى ثَلَاثِ) لَيَالٍ بِأَيَّامِهِنَّ فَلَا يُعَزَّى بَعْدَهَا لِأَنَّهَا مُدَّةُ الْإِحْدَادِ الْمُطْلَقِ قَالَ الْمَجْدُ إلَّا إذَا كَانَ غَائِبًا فَلَا بَأْسَ بِتَعْزِيَتِهِ إذَا حَضَرَ.

قَالَ النَّاظِمُ: مَا لَمْ تُنْسَ الْمُصِيبَةُ (فَيُقَالُ) فِي تَعْزِيَتِهِ (ل) مُسْلِمٍ (مُصَابٍ بِمُسْلِمٍ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ، وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ، وَغَفَرَ لِمَيِّتِك.

وَ) لِمُسْلِمٍ مُصَابٍ (بِكَافِرٍ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك، وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) لِأَنَّ الْغَرَضَ الدُّعَاءُ لِلْمُصَابِ وَمَيِّتِهِ إلَّا إذَا كَانَ كَافِرًا فَيُمْسِكُ عَنْ الدُّعَاءِ لَهُ وَالِاسْتِغْفَارِ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015