أموالنا قد ضاعت، فلو أنا أقمنا فيها، وأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله هذه الآية، فكانت التهلكة الإقامة التي أردناها ...
إلى أن قال ابن حجر: «وجاء عن البراء بن عازب في الآية تأويل آخر أخرجه ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عنه بإسناد صحيح عن أبي إسحاق، قال: قلت للبراء: أرأيت قول الله عزّ وجل: {وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} هو الرجل يحمل على الكتيبة فيها ألف؟ قال: لا، ولكنه الرجل يذنب، فيُلْقِي بيده، فيقول: لا توبة لي».
ثمَّ قال ابن حجر (ت:852): «والأول أظهر؛ لتصدير الآية بذكر النفقة، فهو المعتمد في نزولها، وأما قصرها عليه ففيه نظر؛ لأن العبرة بعموم اللفظ» (?).
التنبيه الثاني:
ذكر شيخ الإسلام بعد ذلك موضوعًا مهمًّا في التفسير بسبب النُّزول، وهو قوله: «والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه أم لا؟ فلم يقل أحد من علماء المسلمين: إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص، فَيَعُم ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ.
والآية التي لها سبب معين إن كانت أمرًا ونهيًا فهي متناولة لذلك الشخص ولغيره ممن كان بمنزلته، وإذا كانت خبرًا بمدح أو ذم فهي متناولة لذلك الشخص وغيره ممن كان بمنْزلته أيضًا».
وقد ذكر هذا الموضوع في موطن آخر من كتبه، فقال: «والآيات التي أنزلها الله على محمد صلّى الله عليه وسلّم فيها خطاب لجميع الخلق من الإنس والجن، إذ كانت رسالته عامة للثقلين، وإن كان من أسباب نزول الآيات ما كان موجودًا في العرب فليس شيء من الآيات مختصًا بالسبب المعين الذي نزل فيه باتفاق المسلمين، وإنما تنازعوا هل يختص بنوع السبب المسؤول عنه؟