ومثل أن يُعلم نزول القرآن في أي وقت كان، كما يُعلم أن سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنفال وبراءة نزلت بعد الهجرة في المدينة، وأن الأنعام والأعراف ويونس وهود ويوسف والكهف وطه ومريم و {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} و {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ} وغير ذلك نزلت قبل الهجرة بمكة، وأن المعراج كان بمكة، وأن الصُفَّة كانت بالمدينة.
وأن أهل الصفة كانوا من جملة الصحابة الذين لم يقاتلوا النبي صلّى الله عليه وسلّم، ولم يكونوا ناسًا معينين، بل كانت الصفة منْزلاً ينْزل بها من لا أهل له من الغرباء القادمين، وممن دخل فيهم: سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة وغيرهما من صالحي المؤمنين.
وكالعُرَنيِّين الذين ارتدُّوا عن الإسلام، فبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم في آثارهم، فقطع أيديهم وأرجلهم، وسَمَل أعينهم، وألقاهم في الحرّة يستسقون، فلا يسقون، وأمثال ذلك من الأمور المعلومة.
فإذا روى الجاهل نقيض ذلك عُلم أنه كذب.
ومن الطرق التي يُعلم بها الكذب أن ينفرد الواحد والاثنان بما يُعلم أنه لو كان واقعًا لتوفرت الهمم والدواعي على نقله، فإنه من المعلوم أنه لو أخبر الواحد ببلدٍ عظيم بقدر بغداد والشام وبغداد والعراق لعلمنا كذبه في ذلك، لأنه لو كان موجودًا لأخبر به الناس.
وكذلك لو أخبرنا بأنه تولَّى رجل بين عمر وعثمان، أو تولَّى بين عثمان وعلي.
أو أخبرنا بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يؤذَّن له في العيد، أو في صلاة الكسوف أو الاستسقاء.
أو أنه كان يُقام بمدينته يوم الجمعة أكثر من جمعة واحدة.
أو يُصلَّى يوم العيد أكثر من عيد واحد.