وقد أشار شيخ الإسلام إلى بعض أسباب الرجوع إلى تفسير الصحابي بقوله: «وحينئذٍ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن، والأحوال التي اختصوا بها؛ ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح»، هي:
1 - مشاهدة النُّزول، وتلك خصِّيصة لا يمكن أن تكون لغيرهم، والذي يحضر هذه التنزلات يدرك ما لا يدركه من لم يكن شاهدًا.
يقول الشاطبي ـ في حجية بيان الصحابة للقرآن ـ: «وأما الثاني: مباشرتهم للوقائع والنوازل، وتنْزيل الوحي بالكتاب والسنة، فهم أقعد في فهم القرائن الحالية، وأعرف بأسباب النُّزول، ويدركون ما لا يدركه غيرهم بسبب ذلك، والشاهد يرى ما لا يراه الغائب. فمتى جاء عنهم تقييد بعض المُطلَقات، أو تخصيص بعض العمومات، فالعمل عليه على الصواب، وهذا إن لم يُنقل عن أحدهم خلاف في المسألة، فإن خالف بعضهم فالمسألة اجتهادية» (?).
وهذه مسألة عقلية لا يدخلها إلا الجدل السفسطي، فلو افترضت ملكًا له مستشارون هم من خاصته، ألا يكونون أعلم بأحواله وبإشارته وبأوامره من غيرهم، فإذا كان الأمر كذلك، كان الرجوع إليهم لمعرفة أمور الملك مما يتحتَّم.
وكذا لو تُصُوِّر عالمٌ له طلابٌ اختصوا به، وتلقوا على يده العلم، ولازموه ملازمة طويلة، فكتب لهم في العلم كتابًا، فإنهم أدرى بأسرار هذا الكتاب من غيرهم، لما لهم من المشاهدة لحال شيخهم، ومعرفتهم بطريقته.
فإذا كان ذلك أمرًا عقليًّا بدهيًّا، فكيف يعترض معترض على صحة