عن وجوه مطالب تأويله: قال الله جل ثناؤه وتقدست أسماؤه لنبيه محمد صلّى الله عليه وسلّم: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]، وقال أيضًا جلَّ ذكره: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: 64]، وقال: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَاوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَاوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ} [آل عمران: 7].
فقد تبين ببيان الله ـ جل ذكره ـ أن مما أنزل الله من القرآن على نبيه صلّى الله عليه وسلّم ما لا يُوصل إلى علم تأويله إلا ببيان الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وذلك تأويل جميع ما فيه من وجوه أمره: واجبه وندبه وإرشاده، وصنوف نهيه، ووظائف حقوقه وحدوده، ومبالغ فرائضه ومقادير اللازم بعض خلقه لبعض، وما أشبه ذلك من أحكام آيهِ التي لم يُدرك علمها إلا ببيان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لأمته. وهذا وجه لا يجوز لأحد القول فيه إلا ببيان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم له تأويله بنصٍّ منه عليه، أو بدلالةٍ قد نصبها دالَّةٍ أمته على تأويله» (?).
ولو أدرتَ النظر في أحوال الاستفادة من السنة في التفسير؛ لظهر لك ما يأتي:
الحال الأولى: أن يكون في سنته تفسير مباشر للقرآن، وذلك هو التفسير النبوي الذي يكون فيه القصد إلى بيان معنى لفظة أو جملة، أو بيان مجمل، أو بيان غيبي لا يظهر لهم كيفيته، وقد تكون منه ابتداءً، وقد تكون إثر سؤال أو استشكالٍ من الصحابة، ولكل نوع من هذه أمثلته.
ومن أمثلة تفسيراته: