على الله سبحانه لأنه قبيح، والله لا يفعل القبيح، فَحَمَلَ معنى «يغويكم» على معنى العذاب، وهو ليس كذلك، بل هو بمعنى الإضلال، ثُمَّ استشهد لذلك بأحد أوجه تفسير قوله تعالى: {فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59].
فتدبر كيف وصل إلى تفسير آية بآية أخرى، حيث ستجد أنه مرَّ برابط بينهما قبل ربطهما ببعضهما، حيث فسَّر الغواية والغي بالعذاب، فحمل الأولى على الأخرى، فهل يُقبل هذا التفسير على أنه تفسير قرآن بقرآن؟!
لا شكَّ أنه من التفسيرات غير الصحيحة، ومثل هذا لا يُقبل، ولا ينظر إلى كونه فسَّر آية بآية.
الأمر الرابع: رأيته أنه قد التبس على بعض الفضلاء التفريق بين كون تفسير القرآن بالقرآن مأثورًا أو رأيًا، وقد سمعت بعضهم يجعله مأثورًا مطلقًا، وعندي أنَّ هذا الفاضل لم يُفرِّق بين طريق وصول القرآن إلينا، وهو الأثر، وطريقة وصولنا إلى تفسير آية بآية، وهو الرأي والاجتهاد.
الأمر الخامس: أنه لا يلزم من ربط آية بآية أن يكون من قبيل تفسير القرآن بالقرآن، بل ربط الآيات ببعضها أوسع من تفسير القرآن بالقرآن، ومن جعل كل ربط بين آيتين من قبيل تفسير القرآن بالقرآن، فإنه قد وسَّع مبحث تفسير القرآن بالقرآن بما لا حدَّ له، فجمع الموضوعات في المعنى الواحد، وجمع النظائر القرآنية، وجمع ما يوهم الاختلاف، وجمع القصص في الموضوع الواحد = كل هذا يدخل في تفسير القرآن بالقرآن عند التوسع في الإطلاق.
أما لو جعلت ضابط الحاجة إلى البيان هو القيد في تفسير القرآن بالقرآن، فإنه سيخرج كثيرٌ من ربط الآيات ببعضها.
ومن البيان: تفسير لفظة غريبة بلفظة أشهر منها، وبيان المجمل، وتخصيص العامِّ، وتقييد المطلق وبيان الناسخ للآية المنسوخة، وكل ما كان فيه بيان آية بآية فهو من تفسير القرآن بالقرآن.