وهذا الغموض مدعاة لوجود الاختلاف في تفسير المعنى الذي فُسِّر بالآية الأخرى، وهذا النوع يدخله الاجتهاد، فالمفسر هو الذي يرى أن هذه الآية تفسير هذه الآية، كما يلاحظ وجود واسطة بين الآيتين لتكون هذه الآية مفسرة لتلك الآية، ففي آية الرتق والفتق وقع ما يأتي:
1 - فُسِّر الرتق بعدم إنزال المطر من السماء، وعدم الإنبات من الأرض، وفُسِّر الفتق بإنزال المطر من السماء، وإخراج النبات من الأرض.
2 - جُعِل هذا المعنى للرتق والفتق هو مدلول الرجع والصدع في آيتي سورة الطارق، وهذا يعني أنه لا يُتوصَّل إلى تفسير آية بآية إلا بالاجتهاد المبني على تفسير المدلولين في الآية، وإظهار توافقهما في المعنى.
ولو أخذت بالأوجه الأخرى في تفسير الرتق والفتق، فإنه لا يمكنك حمل هذه الآية على آيتي سورة الطارق، لاختلاف المعنى بينهما على الأوجه الأخرى.
الأمر الثالث: أن تفسير القرآن بالقرآن لا يتقصر على أصحاب المنهج الحقِّ، بل تجد ذلك عند أهل البدع، حيث تراهم يحملون معنى آية على آية أخرى، وهذا هو عين تفسير القرآن بالقرآن، لكنه مبنيٌّ على منهجهم في الفهم، واجتهادهم في البيان المبني على معتقدهم.
وعمل هؤلاء يدلُّك بوضوح على دخول الاجتهاد والرأي في تفسير القرآن بالقرآن، وأنه لا يلزم الأخذ بكل ما قيل فيه إنه تفسير قرآن بقرآن، وإلا للزم أخذ أقوال المبتدعة المبنية على هذا الطريق.
والأمثلة على عمل المبتدعة بهذا الطريق كثيرة جدًّا، ولو أقام باحث بحثًا على هذا الموضوع لخرج بكمٍّ وفير من الأمثلة في هذا الباب، ومن ذلك أنَّ أحمد بن يحيى الزيدي المعتزلي (ت:325) (?) قال في «رسالة الرد