فصل
(108) فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟
فالجواب: إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أُجمِل في مكان فإنه قد فُسِّر في موضع آخر، وما اختُصر في مكان فقد بُسِطَ في موضع آخر.
(109) فإن أعياك ذلك، فعليك بالسنة، فإنها شارحة للقرآن وموضحة له؛ بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي: كل ما حكم به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فهو مما فهمه من القرآن، قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105]، وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: 44]، وقال تعالى: {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: 64]، ولهذا قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إلا إني أوتيت القرآن ومثله معه» يعني: السنة.
(110) والسنة أيضًا تنْزل عليه بالوحي كما ينْزل القرآن؛ لا أنها تتلى كما يتلى، وقد استدل الإمام الشافعي وغيره من الأئمة على ذلك بأدلة كثيرة ليس هذا موضع ذلك.
(111) والغرض أنك تطلب تفسير القرآن منه، فإن لم تجده فمن السنة، كما قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: «بِمَ تحكم؟ قال: بكتاب الله.