الأصل الرابع: إنفاذ الوعيد:
يرى المعتزلة أن آيات الوعيد نافذة، وليس يجوز فيها غير ذلك، ولا يرون أن العصاة تحت المشيئة؛ لذا يرون المنْزلة بين المنْزلتين، ثمَّ يخرجون بعد ذلك إلى تخليد صاحب الكبيرة في النار.
في قوله تعالى: {وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105]، قال الرماني (ت:384): «وقد تضمنت الآية النهي عن الاختلاف في الحق مع التحذير من الاغترار بمن فعله من الناس بما له من شدة العقاب بالخلود في النار» (?).
وقد رتَّبوا على ذلك أن نفوا شفاعة الرسول صلّى الله عليه وسلّم لأهل الكبائر، في قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [آل عمران: 192] قال الرماني (ت:384): «يقال: هل في الآية دلالة على بطلان مذهب المرجئة؟
الجواب: نعم؛ لأن من أخزاه الله فليس من أهل الجنة، وقد بيّن الله ذلك في قوله: {يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [التحريم: 8]، ولقوله تعالى: {وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [البقرة: 270، آل عمران: 192، المائدة: 72]، ولو سأل سائل إخراجهم من النار لكان لهم أنصر الأنصار.
ويقال: ما وجه الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلّم يخرج قوم من النار بالشفاعة مع دلالة الآية؟
الجواب: فيه قولان:
الأول: أنه لولا الشفاعة لواقعوا كبيرة يستوجبون بها الدخول فيها فيخرجون بالشفاعة على هذا الوجه، كما يقال: أخرجني من السلعة؛ إذ لولا مشورته لدخل فيها بابتياعه لها.