فكما أنَّ ألفاظَهُ ملوكُ الألفاظِ وأجلُّها وأفصحُها، ولها من الفصاحة أعلى مراتِبها التي يعجزُ عنها قدر العالمين، كذلك معانيه أجلُّ المعاني وأعظمُها وأفخمُها، فلا يجوزُ تفسيرُه بغيرِها من المعاني التي لا تليقُ به، بل غيرُها أعظمُ منها وأجَلُّ وأفخمُ، فلا يجوزُ حملُه على المعاني القاصرةِ بمجرَّدِ الاحتمالِ النَّحويِّ الإعرابيِّ.
فتدبَّرْ هذه القاعدة، ولتكنْ منك على بالٍ، فإنَّكَ تنتفعُ بها بمعرفة ضَعْفِ كثيرٍ من أقوالِ المفسِّرينَ وزيفها، وتقطع أنها ليست مرادَ المتكلم ـ تعالى ـ بكلامِه» (?).
وهذا الموضوع فيما يتعلق بالعربية ومنْزلتها من علوم التفسير مما يحتاج إلى ترتيب المعلومات التي يُعنى بها المفسر، وهو بحاجة إليها؛ لأنَّ كثيرًا من المعلومات المتعلقة بعلوم العربية لا فائدة فيها من جهة التفسير، وإنما فائدتها في تلك العلوم أصالةً، وهذا موضوع يحتاج إلى بحث مستفيض يبين فيه علاقة هذه العلوم العربية بالتفسير من جهة، وبالقرآن من جهة أخرى.
ذكر شيخ الإسلام ـ في هذا الفصل ـ نوعين من التفاسير:
الأول: تفاسير نقلية، وهي التي تنقل تفسير السلف صِرفًا، وبيّن أن هذه لا يقع فيه خطأ من جهة الاستدلال، وقد مضى الحديث فيها.
الثاني: تفاسير أهل البدع على مراتبهم في ذلك، وهذه التفاسير يقع فيها الخطأ من جهة الاستدلال، وقد سبق بيان وجه الخطأ.