ثالثًا: الدعوة إلى تفسير العربي كائنًا من كان لكون القرآن نصًا عربيًا أدبيًا:
هذه الدعوة جاءت في هذا العصر، وهي وإن كانت متأخِّرة عن عصر شيخ الإسلام إلا أنها تدخل في هذا الباب، حيث يزعم أصحاب هذه الدعوة أنهم عرب يفهمون الخطاب العربي، ولا حاجة لهم بقول من تقدَّمهم، بل شطح أمين الخولي فزعم أنه يجوز للعربي من دون نظر إلى معتقده أن يدرس القرآن دراسة أدبية، لا لأنه يملك أدوات التفسير بل لأنه عربي يتذوَّق العربية فقط.
يقول أمين الخولي: «... وهذا الدرس الأدبي للقرآن في ذلك المستوى الفني، دون نظر إلى أي اعتبار ديني، هو ما نعتده وتعتده معنا الأمم العربية أصلاً، العربية اختلاطًا؛ مقصدًا أول ...» (?).
ويدخل في هذه الدعوة كل من زعم اليوم أنه عربي يستطيع فهم القرآن بعربيته، ويرى أنه ليس بحاجة إلى قول فلان أو علان من المفسرين، فهم رجال كما أنه رجل.
وهذه دعوة متهافتة، فكم من قول شاعر ذهب إدراك مراده على وجهه بسبب جهل ملابسات قوله، فما بالك بكتاب الله الذي له أكثر من مصدرٍ في تفسيره، واللغة أحدها، وهي لا تستقلُّ بفهمه.
وأولئك الذين يزعمون ـ اليوم ـ أنهم يفسرون القرآن أو يتذوقونه بعربيتهم يُخفون أو يَخفى عليهم ـ مقدمات وآراء يعتقدونها؛ يحملون ألفاظ القرآن عليها، ويحرفونها إليها.
وقبل أن أختم الحديث هنا عن هذا الموضوع أُشير إلى جملة علوم العربية ومنْزلتها من التفسير، فأقول: