لأبي القاسم الزمخشري، فهؤلاء وأمثالهم اعتقدوا مذاهب المعتزلة.
(91) وأصول المعتزلة خمسة؛ يسمونها هم: التوحيد، والعدل، والمنْزلة بين المنْزلتين، وإنفاذ الوعيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وتوحيدهم هو توحيد الجهمية الذي مضمونه نفي الصفات، وغير ذلك.
قالوا: إن الله لا يُرى، وإن القرآن مخلوق، وإنه ليس فوق العالم، وإنه لا يقوم به علم ولا قدرة، ولا حياة ولا سمع ولا بصر، ولا كلام، ولا مشيئة، ولا صفة من الصفات.
(92) وأما عدلهم فمن مضمونه أن الله لم يشأ جميع الكائنات ولا خلقها كلها، ولا هو قادر عليها كلها؛ بل عندهم أن أفعال العباد لم يخلقها الله لا خيرها ولا شرها، ولم يرد إلا ما أمر به شرعًا، وما سوى ذلك فإنه يكون بغير مشيئته، وقد وافقهم على ذلك متأخرو الشيعة؛ كالمفيد، وأبي جعفر الطوسي وأمثالهما.
(93) ولأبي جعفر هذا تفسير على هذه الطريقة؛ لكن يضم إلى ذلك قول الإمامية الاثني عشرية؛ فإن المعتزلة ليس فيهم من يقول بذلك، ولا من ينكر خلافة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي.
(94) ومن أصول المعتزلة مع الخوارج إنفاذ الوعيد في الآخرة، وأن الله لا يقبل في أهل الكبائر شفاعة، ولا يخرج منهم أحدًا من النار.
(95) ولا ريب أنه قد ردَّ عليهم طوائف من المرجئة والكرامية والكلابية وأتباعهم؛ فأحسنوا تارة وأساءوا أخرى، حتى صاروا في طرفي نقيض، كما قد بُسط في غير هذا الموضع.