وهذا يعني أنَّ اللفظ المذكور لا يناسبه حرف الجرِّ المذكور معه، ويكون حرف الجرِّ قد دلَّ على معنى يناسبه، ويكون أيضًا مناسبًا للَّفظِ المذكور، وفيه معنى زائد عليه، فلا يُضمَّن اللفظ ما هو في معناه، كلفظ (استند) لا يُضمَّن معنى (اعتمد).

وهذا المبحث من البحوث الصالحة للدراسة في ألفاظ القرآن الكريم، لكثرة التطبيقات الموجودة فيه، فكل حرف قيل فيه بأنه يعاقب حرفًا في معناه، فهو داخل في التضمين.

وقد طرح شيخ الإسلام (ت:728) عددًا من الأمثلة، وهي:

1 - قوله تعالى: {قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ} [ص: 24]، فسأل يتعدى بنفسه، فيقال: سأله كذا، ويتعدَّى بعن، فيقال سأله عن كذا، ولا يتعدى بإلى. فلما جاء في الآية متعديًا بإلى دلَّ على أنَّ فعل سأل قد أُشرِب معنى فعل آخر معه، وهو ضمَّ أو جمع، ويكون التقدير: لقد ظلمك بسؤاله أن تضمَّ نعجتك إلى نعاجه، فالسؤال ضُمِّن معنى الضمِّ أو الجمع.

2 - قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ} [آل عمران: 52]، وقد ذكر فيه تأويل من يقول بتعاقب الحروف، ويكون المعنى عنده من أنصاري مع الله، أما على التضمين، فيُقدَّر لفظ الضمِّ، ويكون تقدير المعنى على التضمين: من ضامُّون نصرهم إياي إلى نصر الله إياه، أفاد هذا المعنى الطاهر بن عاشور (?).

3 - الفعل «يفتنونك» في قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لاَتَّخَذُوكَ خَلِيلاً} [الإسراء: 73]،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015