وأما المتواطئ الذي من قبيل مفسر الضمير، ففي احتمال مشابهتهِ اللفظَ العامَّ إشكالٌ؛ لأن الضمير ـ في كثير من الأحيان ـ يراد به ذاتٌ واحدة لا غير، ففي قوله: {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا} [مريم: 24] المنادي إما جبريل، وإما عيسى، ولا يُتصوَّر جواز إرادتهما معًا حتى يقال بمشابهته للعموم.
تنبيه:
يلاحظ أنَّ الاختلاف العائد إلى المشترك اللغوي، وإلى المتواطئ الذي هو من قبيل الأوصاف فيه شبه بالنوع الأول الذي يعود إلى تنوع الأسماء والصفات، فالتغاير بين الأقوال هو الجامع بينهما، واحتمال عودهما إلى ذات واحدة حاصل بطريق التأويل، وإليك المثال الموضح لذلك:
في تفسير الصراط المستقيم بالإسلام أو القرآن هناك تغاير في الأوصاف بين الإسلام والقرآن، واتفاق في عودها إلى مراد واحد وهو الصراط المستقيم.
وكذا في النازعات، ففي تفسيره بالملائكة أو النجوم تغاير، وهما يعودان إلى معنى واحد وهو النَّزعُ، فإذا ذهبت إلى هذا التأويل ظهر لك أنَّ هذا الاختلاف الذي يعود إلى ما يكون اللفظ فيه محتملاً للأمرين من باب التفصيل في النوعين الأولين.
ومن الأمثلة التي ذكرها تفسير لفظ «تبسل» من قوله تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ} [الأنعام: 70].