قوله هنا في أول الكلام أنه قد يجيء السبب الواحد للآية مختلفا، وقد يجيء ذكر السبب واحدا فإذا جاء السبب واحدا مثل قولهم في آية الظهار نزلت في أوس بن الصامت، فهذا لا يعني أن عموم اللفظ يُخص بهذا السبب بل إن العلوم له أفراد ومن أفراده هذه الحادثة التي حدثت، وهذا يدل له دلالة واضحة ما جاء في الصحيح أن رجلا قبل امرأة في الطريق وجاء للنبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ قال: إني لقيت امرأة في الطريق أو قال في أحد البساتين أو قال في أحد الحوائط ولا شيء يأتيه الرجل من أمراه إلا فعلته إلا النكاح. يعني إلا الوطء، فسكت النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ، ثم أنزل الله جل وعلا عليه قوله {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] ، الحسنات ومنها الصلاة تذهب السيئات، فأخذها، فقال الرجل: يا رسول الله ألي وحدي. هذا السائل قال: ألي وحدي قال: «لا بل لأمتي جميعا» ، وهذا يعني أن خصوص السبب لا يُخص به عموم اللفظ {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} هل هو بخصوص هذا الرجل؟ لا، قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «بل لأمتي جميعا» فاستدل العلماء بهذا الحديث الذي في الصحيح أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وإذن ما ذكره هنا لأن أحد قسمي اختلاف التنوع أنه يرد لفظ عام يفسّره الصحابة يفسره السلف لأحد أفراده، ذكر لك أمثلة، ثم ذكر هنا أمثلة أسباب النزول، فأسباب النزول من ذلك، يكون اللفظ عام كل واحد يقول نزلت في كذا، أحيانا يقول بعضهم نزلت في كذا وفي كذا وهذه كلها أفراد.