{وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ} المقتصد من هو؟ قال: هو الذي أدى الصلاة وترك الحرام. أداء الصلاة هذه بعض الواجبات، المقتصد هو الذي أدى الواجبات وترك المحرمات، فإذا تذكرت بعض أفراد المقتصدين، ذكرت أوصاف لبعض أوصاف المقتصدين فإن هذا لا يعني تعيينا لتفسير اللفظ من حيث حقيقته؛ بل ذكروا ما يتضمنه اللفظ باعتبار أنه فرد دخل تحت عام.
مثل ما مثلت لكم بالحسنة، الحسنة عند العلماء هي ما يلائم الطبع ويسر النفس، النساء من ذلك يعني الزوجات والجواري من ذلك، المال من ذلك، الإمارة والأمر والنهي من ذلك، فلما قال الله جل وعلا فيهم {لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً} ، {وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ فِي اللهِ مِن بَعْدِ مَا ظُلِمُواْ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَة} [النحل: 41] ، فمن فسرها بأنها المال فسر الحسنة ببعض أفرادها ببعض ما يدخل فيها، قال الآخر هي المال، الزوجات قال الثالث الإمارة، قال الرابع أن يطاع والجاه ونحو ذلك، فهذا لا يعد اختلافا بل كله داخل تحت الاسم العام.
وهذا يفيد الفائدة وهو أن السلف فسّروا القرآن لأجل الهداية لا لأجل الألفاظ، وهذا مما يحتاجه المفسر جدا أن يرى حاجة السائل فيفسر الآية باعتبار حاجته أو حاجة المستمعين، فإن فسرها ببعض أفرادها فإن هذا التفسير منه صحيح وليس مخالف لتفاسير السلف، فلا يرد اعتراض من اعترض تقول أنت فسرت الحسنة بأنها المال، لا هم فسروا الحسنة بأنها الجاه مثلا أو الأمر والنهي، نقول: لا تعارض؛ فإن المفسر قد يرى أن الحاجة أن ينص على بعض الأفراد.
إذن فإذا كان اللفظ عاما يدخل فيه كثير من الأفراد فإنه لا يسوغ تخصيصه.