علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وهي صحيفة أخذها علي بالوجادة يعني ليس بالسماع؛ لأن علي بن أبي طلحة لم يدرك ابن عباس، وقال العلماء: علي بن أبي طلحة قد أخذها بالسماع عن مجاهد. قال الحافظ ابن حجر: فإذا علمت الواسطة لم يضر أن تكون وجادة. لأن الذي نقل ذلك عن ابن عباس هو جاهد وعلي بن أبي طلحة يروي هذه الصحيفة عن مجاهد، ولهذا تجد أن ابن جرير أكثر ما يروي عن ابن عباس ما وجد إلى ذلك سبيلا أن يقول في طريق معاوية عن علي عن ابن عباس يعني علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.
ومجاهد يعتني به العلماء كثيرا، فإذا وجد من مجاهد وتفسيره موجود مطبوع تفسير مجاهد، إذا وجد عن مجاهد -يعني التفسير المجموع- عن مجاهد التفسير فإنهم يعتمدونه لأنه أصح أو أقوى من يتكلم في التفسير من التابعين وذلك لكثرة ما أخذ عن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عنْهُ.
إذن نخلص من هذا إلى أن الصحابة ربما اختلفوا في التفسير، وذلك راجع إلى تنوع نظرهم واستنباطهم واستدلالاتهم.
التابعون كذلك ربما اختلفوا، وذكر لك رحمه الله أنه كلما كان الزمن أشرف كان الاجتماع والائتلاف أكثر وأعظم، لأن شرف الزمان بشرف أهله، وإذا عقل أهل الزمان وعلموا فإنهم يكونون أحرص ما يكونون على الاجتماع في الدين وعلى الاجتماع في أمورهم؛ لأن الخلاف في أمور الدين بل وفي الأمور جميعا ليس محمود.
قال: كلما كان الزمن أشرف كان الاجتماع والائتلاف أعظم وأوسع. وهذا خذه فيما بعد ذلك من الزمن، كلما نزل الزمن تجد أن الاختلاف في التفسير يكثر، لهذا يعتد أهل العلم الأثريون في التفسير على تفاسير الصحابة وعلى تفاسير التابعين؛ لأنهم في الغالب يكونون مجتمعين على ذلك.
نعم قد يكون ثم إجماع منهم في بعض الآي وقد يكون ثم اختلاف بينهم، وسيأتي بيان أنواع الاختلاف، وأنواع الاجتماع في ذلك.