الأمر الثاني: أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بيّن للناس معاني القرآن، بينه للصحابة وهم كانوا يأخذون من ذلك ما يحتاجون إليه، فربما كان البيان واقعا عمّا يفهمونه فيكون في مجرى التأكيد، وربما كان البيان عما لا يعلمونه فيكون علما جديدا لا يأخذونه من اللغة، وهذا لاشك وقع كثيرا؛ ولكن المنقول عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ الأحاديث التي فيها التفسير عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قليلة جدا بالنسبة إلى التفسير المنقول عن الصحابة. (?) وذكر أن الصحابة بينوا لمن بعدهم تفسير القرآن، وتفسيرهم له إنما هو في مجموعة مأخوذ من بيان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد يتكلمون في ذلك باجتهاد والاستنباط، وأعظمهم في ذلك عبد الله بن عباس بن عبد المطلب رَضِيَ اللهُ عنْهُما فإنه قد دعا له النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن يعلم الكتابة فقال عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ في دعائه له «اللهم علمه الكتابة» وقال «اللهم علمه الحكمة» وقال «اللهم علمه التأويل» ، وهذا مما يعتني به أهل العلم لأن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عنْهُ ظهرت فيه قوة فهمه بالتفسير، وقد أثني عليه في ذلك ابن مسعود حيث قال ابن مسعود رَضِيَ اللهُ عنْهُ: نِعْمَ ترجمان القرآن ابن عباس.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015