وإما أن يكون الدليل واضحا لكلامه لا يكون كلامه عليه دليل يعلمه العلماء فيقولون دليل ابن عباس مثلا كذا، دليل علي في تفسيره كذا أو في غير التفسير، مثل ما ذكرنا في تفسير ابن عباس لما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم وجماعة بأنه كان يقرأ {وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ} [الأعراف: 127] ، {وَيَذَرَكَ وَإِلَهَتَكَ} ما دليله؟ قال ابن عباس لأنه كان يُعبد ولا يَعبد، واستدل له العلماء بهذا القول من اجتهاد ابن عباس القراءة الصحيحة التي نقلها هو استدلوا لها بقول الله تعالى مخبرا عن قول فرعون {مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي} [القصص: 38] .

فإذن العلم بالتفسير:

إما أن يكون نقلا عن معصوم وهذا أن تكون الآية مفسرة بالقرآن، القرآن مفسر بالقرآن، أو القرآن مفسر بالسنة، مثلا آية أُطلق في موضع وبُيِّن في موضع كما قال جل وعلا {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ} [النحل: 118] ، ما هو الذي حرم عليهم هو المذكور في آية الأنعام {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام: 146] ، وليس المذكور في سورة النساء في قوله {فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَن سَبِيلِ اللهِ كَثِيرًا} [النساء: 160] ، ذلك لأن هذا كان كالتفسير لما قبله {حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ} والأنعام متقدمة على ذلك.

في القرآن إجمال في موضع وبيان في موضع آخر، وهذا كثير، مثلا في قوله تعالى في سورة طه في قصة موسى {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 46] ، فتناك فتونا ما هذا الفتون؟ {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} ما هذه الفتون التي هي جمع فتنة التي فتن بها موسى عليه السلام؟ تبينها قصة موسى بأنواع ما حصل له من الابتلاء، وهذا هو الذي فهمه ابن عباس وساق عليه الحديث المعروف عند أهل التفسير في حديث الفتون الطويل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015