لذلك دخل كثير من التفسير في هذا النوع في كتب التفسير من قبيل أنه «لا تصدقوهم ولا تكذبوهم» ولكنه مما تحيله العقول.

وهذا لو قيدناه بهذا القيد صار ما ورد عن بني إسرائيل مما يدخل تحت قوله إذا حدثكم بنو إسرائيل فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فيكون قليلا جدا بالنسبة لما هو موجود.

فإذا استغنينا عن القسم الأول وهو ما جاء في شريعتنا ولا حاجة لنا لمرويات بني إسرائيل فيه، وإن ذكرت فتذكر هكذا، لا حاجة لنا بما جاء في شريعتنا رده، ما جاء ما رده العقل أيضا لا حاجة لنا به، فبقي نوع واحد وهذا قليل بالنسبة للبقية.

فهذا القول هو الصحيح -ما ذكره ابن تيمية هنا- هو التوسط في مسألة النقل عن بني إسرائيل؛ لأن الناس النقل عن بني إسرائيل من زمن التابعين وزمن الأئمة على ثلاث أنحاء:

منهم من يمنعها.

ومنعم من يقبلها مطلقا.

ومنهم من ينقل ما يدخل تحت هذه الشروط التي ذكرنا، وهو أن يكون النوع الثالث، ولا يكون داخل في النوعين الآخرين الثاني والرابع.

أهل العصر اليوم كما تسمعون ينقدون أي تفسير لأن فيه إسرائيليات، يقولون: هدا فيه لإسرائيليات، ونقّوا كتب التفسير من الإسرائيليات. هذا ليس بمنهج علمي صحيح لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» وقال «إذا حدثكم بنو إسرائيل فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم فإنه إن يكن حقا فتكذبوهم أو يكن باطلا فتصدقوهم» .

وهذا جعل كثيرا الآن يعتني بتخليص كتب التفسير من الإسرائيليات، وأحيانا الإسرائيليات هذه توضح المقصود، مثل مثلا في حديث الفتون المعروف عن ابن عباس الحديث الطويل عند قوله تعالى {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 46] ، ذكر الحديث الطويل، بعضه من القرآن، وبعض ما ذكر ابن عباس من قصة موسى عليه السلام والفتون يعني ما تدرج به وابتلاه الله جل وعلا به؛ بعضه من بني إسرائيل؛ لكن دخل في تفسير بن عباس ويقبل في ذلك لأنه مما لم يأتِ في القرآن رده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015