ولهذا لا يقال في أسانيد تفسير ما يقال في أسانيد الحديث؛ أسانيد الحديث تختلف لأن فيها تفسير، أما أسانيد التفسير خصصوا فيها أهل العلم، لذلك تجد ابن أبي حاتم مثلا مع أنه صنف كتاب العلل وأعل أحاديث في الأحكام بعلل قد لا تكون قادحة عند غيره، ذكر فيه علل باب مختص لأحاديث أُعلّت في التفسير وفي فضائل السور وفي فضائل القرآن ونحو ذلك، وأعلّها بعلل دون العلل التي تكون في ذلك، يعني ما شدد فيها شدته في ذلك، كذلك كتب تفسيره المشهور تفسير ابن أبي حاتم وشرط في أوله أنه لا يحتج إلا بما هو صحيح عند أهل الحديث، أو بما هو ليس فيه ضعف أو جرح أو نحو ذلك، وفي أحاديث تفسيره -تفسير ابن أبي حاتم- أشياء كثيرة ينازع فيها على طريقة أهل الحديث.

شيخ الإسلام يريد بهذا أن يذكر لك أن التفسير التسمّح فيه كثير من حيث الأسانيد، وهذا التسمّح من جهة أن يعني سببه من جهة أن التفسير إنما ينقله من لم يعتنِ به، الأحكام الحلال والحرام اعتنى به العلماء وأهل الحديث وحفظوها وأدوها، وأما التفسير لم تكن العناية به مثل العناية بالحلال والحرام، ولهذا تجد أن في الأسانيد فيها مطاعن كثيرة؛ لكن روايتها واستفاضتها ينبئ عن أن أصلها مقبول عند أهل العلم بالتفسير، فنأخذ منها ما اشتركت فيه، وأما تفردت به الرواية مما يخالف قواعد الشرع أو أصول الاعتقاد، أو يخالف ما نقله الآخرون فإنّ هذا لا يؤخذ به، ولو كان في إسناده نوع جرح يتسمح به بغيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015