مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (يونس: 57) .
ثم يقول: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) (المائدة: 16) وسبل السلام مفعول ثان ليهدي، لأن ((يهدي)) فعل ينصب مفعولين؛ الأول: من اتبع، والثاني: سبل السلام.
وفي هذه الآية قال تعالي: ((يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ)) مع أن سبيل الله واحد كما قال الله تعالي: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) (الأنعام: 153) والجمع بين الآيتين أن يقال: إن سبيل الحق واحد، لكن له فروع وشعب، من صلاة، وزكاة، وصوم، وحج، وجهاد، وبر، وصلة وما أشبه ذلك، فهذه سبل لكنها تجتمع كلها في سبيل واحد، وأيضاً لا يمكن أن تطلق سبل ويراد بها الإسلام، وإنما تضاف كما في قوله: (سُبُلَ السَّلامِ) فإذا كانت كلها مؤدية إلي السلام فهي الإسلام.
وقوله عز وجل: (وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِه) أي: المعنوية؛ لأن القرآن هدايته معنوية، فيخرجهم من الظلمات أي: ظلمات الجهل، وظلمات القصد، وظلمات الجهل ألا يكون عند الإنسان علم، وظلمات القصد أن يكون عنده علم لكن لا يريد الحق ولا يؤمن به، إذاً فالنور نور العلم ونور العمل.
وقوله: (بِإِذْنِه) في الآية: (يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ) قد يقول قائل: كيف قال الله تعالى يهدي به بإذنه مع أن الله تعالى لا يهدي إلا بعد