والتفسير ليس كله متفقاً عليه بل هناك خلاف بين السلف، وإذا كان بين السلف خلاف فمن باب أولى أن يكون خلاف فيمن جاء بعدهم؛ لأنه كلما ابتعد العصر عن زمن النبوة زادت رقعة الاختلافات، وهذه قاعدة علمية ذكرها شيخ الإسلام في «مقدمة في أصول التفسير»، فالاختلاف مقرر، وكذلك الإجماع مقرر (?).
والذي يعنينا في هذا الباب هو الاختلاف الذي نصَّ عليه المؤلف، وقد انطلق المؤلف في أنواع الاختلاف من اللفظ والمعنى، فقال في النوع الأول: (اختلاف في العبارة مع اتفاق في المعنى، فهذا عده كثير من المؤلفين خلافاً وليس في الحقيقة بخلاف لاتفاق معناه).
أقول: لعل السبب الذي جعل بعض المفسرين يعده اختلافاً راجع إلى منهجية المفسر، فابن الجوزي (ت597هـ) في «زاد المسير» قد يجعل في الآية سبعة أقوال، وإذا تأملنا هذه الأقوال وجدنا أن بعضها يرجع إلى بعض، فكأن هذه المنهجية في تعداد الأقوال جَعَلَها أقوالاً مستقلةً، وكأنها متغايرة، والحقيقة أن بعضها يرجع إلى بعض.
وهذا الأسلوب ليس منه ما يفعله بعض المفسرين من الحفاظ على عبارات السلف، فيذكرون كل قول بسنده كما هو الحال في تفسير الطبري (ت310هـ) وابن أبي حاتم (ت327هـ).
فهذا ليس من هذا الباب الذي يذكره المؤلف؛ لأن المقصد من ذلك أن يذكر من قال بهذا القول من المفسرين، أو على سبيل ما ورد في لفظ هذه الآية من المعاني عند السلف، وليس على سبيل أنها أقوال؛ لذا يفرق بين هذين المنهجين.