الأولى: التصوف ليس من علوم القرآن بل هو نتاج علمٍ وثمرته، فإدخاله في فنون العلم فيه إشكال، ولا أدري لماذا أدخله هنا؟
الثانية: هذه العلوم منها ما هو منبثق من القرآن، ومنها ما يشاركه فيها غيره، فعلم القراءات مثلاً لا يمكن أن نأخذه من غير القرآن، فهو علم منبثق من القرآن، أما الناسخ والمنسوخ فليس علماً خاصاً بالقرآن بل تشاركه السنة، ففيها ناسخ ومنسوخ، والقرآن فيه ناسخ ومنسوخ، والجامع بين السنة والقرآن أنهما نصَّان تشريعيان، فبالنظر إلى الكتاب على أنه نص تشريعي تأتي معه السنة، فعلم الناسخ والمنسوخ ليس خاصاً بالقرآن ولا بالسنة بل هو لهما معاً، ومنهما نشأ العلم المترتب على الفقه فيهما، وهو علم أصول الفقه. وعالم أصول الفقه عندما يستنبط فإنه يستنبط من القرآن والسنة، فما أُخذ من كتب أصول الفقه وأضيف إلى كتب علوم القرآن لا يعني أنه فضلة في علوم القرآن وأصل في أصول الفقه.
والمشاهد أن هناك تشابهاً فيما كتبه من كَتَب في علوم القرآن ومن كَتَب في أصول الفقه، وسبب ذلك أن مَن كَتَب في أصول الفقه أسبق في التحرير ممن كتب في علوم القرآن، فجاء الذي يكتب في علوم القرآن مثل الزركشي (ت794هـ) في (برهانه) أو السيوطي (ت911هـ) في (إتقانه) أو غيرهما، ونقل مادة أصول الفقه في الناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والمطلق والمقيد وغيرها، ووضعها عنده في أنواع علوم القرآن.
ولو نُظِر إلى هذه العلوم على أنها من علوم القرآن لظهر عندنا مسائل مغايرة لما هو معروف في كتب أصول الفقه.
على سبيل المثال: إذا رجعنا إلى مسائل (العموم والخصوص) في كتب علوم القرآن، فإننا سنجد أن البحث فيها بحث أصولي بحت؛ أي: أنه يغلب عليه جانب الأحكام الذي هو مادة أصول الفقه.