قوله: (وأما وضع الأعشار فيه، فقيل: إن الحجاج فعل ذلك).
الأعشار: وضع علامة على الآية رقم (10) ومضاعفاتها.
والأخماس: وضع علامة على الآية رقم (5) ومضاعفاتها.
كانت الأعشار والأخماس في عهد التابعين، وقد واجهت اعتراض بعض العلماء في جعل الأخماس والأعشار في المصحف اقتداء بفعل الصحابة، ويظهر من خلال الآثار أن التعشير ظهر في عهد مبكر، فقد روى الداني بسنده عن مسروق عن عبد الله بن مسعود (ت35هـ): «أنه كره التعشير في المصحف» (?). وقد ذكر آثاراً أخرى عن السلف من التابعين وأتباعهم في كراهية التعشير.
ولما كان عمل أبي الأسود ـ وهو من كبار التابعين ـ حادثاً، أنكر ذلك بعض علماء التابعين، بل أنكره بعض من عاصر هذا من الصحابة وهو عبد الله بن عمر (ت73هـ) رضي الله عنه، وإنكار ابن عمر رضي الله عنه له لا يعني أن الصحابة أنكروا أن يُدخل في رسم عثمان ما ليس منه.
فإن قال قائل: ماذا عن قول ابن مسعود رضي الله عنه: «جرِّدوا القرآن»، وقول عمر رضي الله عنه: «جرِّدوا القرآن»؟
أقول: إن هذا الأثر عن عمر (ت23هـ) وابن مسعود (ت32هـ) لم يجئ في مساق المصحف، إنما جاء في مساق تعليم الناس قراءة القرآن، فعمر رضي الله عنه أراد: إذا أردتم أن تعلموا الناس فعلموهم القرآن ولا تدخلوا معه غيره في تعليمهم، وكما هو معلوم من منهج عمر أنه كان ينهى عن التحديث عن رسول صلّى الله عليه وسلّم، عن قرظة بن كعب، قال: خرجنا نريد العراق فمشى معنا عمر بن الخطاب إلى صرار فتوضأ ثم قال: «أتدرون لم مشيت معكم؟»، قالوا: نعم، نحن أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مشيت معنا،