بالحذف؛ لأنها في أحد المصاحف العثمانية هكذا، وأجزناها بإثبات «مِن»؛ لأنها في بقية المصاحف العثمانية هكذا، لكن «والذكر والأنثى» لا توجد في أي مصحف من المصاحف التي أرسلها عثمان، ولهذا لا يقرأ بها لأنها لم تشتهر في الرواية، ولمخالفتها للمرسوم، وإذا كانت مخالفة للمرسوم فستكون مخالفة للمقروء المشهور.
وهذه القراءة «والذكر والأنثى» نثبت أنها قراءة قرأ بها الرسول صلّى الله عليه وسلّم لكنها نسخت، فأي قراءة ثبتت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ولم يقرأ بها القراء بالطرق المشتهرة المقبولة عندهم، فإن ذلك يدل على أنها مما نسخ، وطريقة معرفة نسخها أنها لا توجد في مصحف عثمان، والأصل في القرآن تلقيه من النبي صلّى الله عليه وسلّم قراءة أو نسخاً أو ترتيباً، ولا يمكن لأحد أن ينسخ منه شيئاً أو يزيل منه حرفاً واحداً؛ لأن هذه مهمة الرسول صلّى الله عليه وسلّم عن رب العالمين.
فإن قال قائل: إن عثمان رضي الله عنه عمل هذا العمل كله لأجل اتقاء الاختلاف في القراءة، ولكن القراءة لم تتحد بعده، فما زالت مختلفة فما الفائدة من عمل عثمان رضي الله عنه؟
نقول: يجب أن ننتبه لملحوظة مهمة وهي أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم توفي والقراءات الثابتة لا يعلمها إلا بعض الصحابة، ثم كُتب المصحف في عهد أبي بكر ـ ولم يكتب إلا ما ثبتت قرآنيته ـ ولم يُلزم الناس به؛ لأن عمل أبي بكر إنما كان لحفظ المقروء في السطور، ثم جاء عهد عمر رضي الله عنه ولم يقع إلزام منه بما في مصحف أبي بكر، وإن كان قد وقع منه نهيٌ لبعض الصحابة أن يقرؤوا ببعض الأحرف، وكذلك في أول عهد عثمان رضي الله عنه لم يكن منه إلزام للأمة بشيء من هذه الأحرف، فكل واحد من الصحابة يقرأ بما سمعه وثبت عنده عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم، فابن مسعود رضي الله عنه يقول: «والله لقد أخذت من فيِّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بضعاً وسبعين